أعلن التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية الأحد مقتل 264 من الحوثيين في غارات جوية خلال الساعات الـ72 الفائتة على منطقتين قرب مأرب، في وقت تعهد الحوثيون مواصلة زحفهم نحو المدينة الاستراتيجية على رغم الخسائر.
وقال التحالف في بيان إنه نفذ "88 عملية استهداف" في منطقتي الكسارة على بعد نحو 30 كلم شمال غربي مأرب والجوبة على بعد نحو 50 كلم جنوب مأرب، ما أدى إلى "تدمير 36 آلية ومقتل أكثر من 264 عنصراً حوثياً إرهابياً".
ويحاول التحالف منع الحوثيين من الوصول إلى مدينة مأرب، آخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليا في شمال البلد الغارق في الحرب. وقد صعّد الحوثيون في شباط (فبراير) عملياتهم العسكرية للسيطرة عليها.
وأوقعت المعارك منذ ذلك الوقت مئات القتلى من الجانبين وتسببت بنزوح أكثر من 55 ألف شخص من منازلهم منذ مطلع العام الحالي، على ما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
1600 حوثي في أسبوعين
وأعلن التحالف عن ضربات جوية في محيط مأرب بشكل شبه يومي على مدى الأسبوعين الماضيين، قتل فيها أكثر من 1600 حوثي بحسب التحالف.
من جهتهم، أكّد الحوثيون الأحد أنّهم سيواصلون محاولة التقدم نحو مدينة مأرب على رغم الخسائر البشرية والمادية الكبرى في صفوفهم.
وقال المتحدث باسم الجناح العسكري للمتمردين يحيى سريع بحسب ما نقلت عنه قناة "المسيرة" المتحدثة باسم الحوثيين، "إذا كان العدو يعتقد أن طيرانه الحربي سيحد من تقدم قواتنا أو يكسر من عزائم جنودنا ومجاهدينا فهو يتوهم".
وتحدّث عن عمليات هجومية نفّذتها قواته في محيط مأرب أدت إلى "مقتل وإصابة وأسر 1840 في صفوف العدوان، بينهم 550 قتيلاً و1200مصاب و90 أسيراً".
يدور النزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ عام 2015 التحالف العسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم الكثير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة.
وما زال نحو 3.3 مليون شخص نازحين بينما يحتاج 24.1 مليون شخص أي أكثر من ثلثي السكان، إلى المساعدة، وفق الأمم المتحدة التي أكدت مراراً أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حالياً.
وكان مجلس الأمن الدولي دعا في بيان صدر بإجماع أعضائه إلى "وقف التصعيد" في اليمن لمواجهة "الخطر المتزايد بحدوث مجاعة واسعة النطاق" في البلاد.
وشدّد أعضاء المجلس الـ15 في بيانهم على "ضرورة وقف التصعيد من قبل جميع الأطراف، بما في ذلك الوقف الفوري لتصعيد الحوثيين في محافظة مأرب"، ودعوا إلى "وقف فوري لإطلاق النار في اليمن".
كما دان أعضاء المجلس "تجنيد الأطفال واستخدامهم، والعنف الجنسي في النزاع"، معربين كذلك عن "قلقهم البالغ إزاء الحالة الإنسانية الأليمة، بما في ذلك الجوع الذي طال أمده، وتزايد خطر حدوث مجاعة واسعة النطاق، تفاقمت بسبب الحالة الاقتصادية المتردّية".
كر وفر
ميدانياً تواصل ميليشيات الحوثي ضغطها العسكري لتضييق الخناق على محافظة مأرب الاستراتيجية من جهاتها الجنوبية والغربية في حين تستميت قوات الجيش والمقاومة الشعبية للدفاع عن آخر مناطق نفوذ الحكومة الشرعية شمالاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعقب أسابيع من إحداثها خرقاً عسكرياً فادح الكلفة نحو محافظة السد التأريخية من جهاتها الجنوبية عبر بيحان وحريب والعبدية والجوبة، انطلاقاً من محافظة البيضاء؛ حققت الميليشيات تقدماً ميدانياً إضافياً في معقل قبيلة مراد، إحدى أعتى القبائل اليمنية الرافضة لمشروعها الإيراني في منطقتي نجّا وواسط بمديرية الجوبة.
ومنذ ثلاثة أسابيع، تتواصل المعارك بين الطرفين بعد اصطدام القوات الحوثية بخط دفاعي مكون من قوات الجيش اليمني مسنودة برجال قبائل مأرب والمحافظات المجاورة لمنع سقوط مديرية الجوبة التي تعد البوابة الشرقية الرئيسة لمحافظة مأرب أهم المعاقل العسكرية والسياسية والاقتصادية للحكومة الشرعية.
المدفعية لا تعرف السكوت
وشهدت الساعات الـ 48 الماضية، اشتداد المعارك التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بعد تقدم الميليشيات وسيطرتهم على منطقة نجّا وسوق راشد، بالجبهة الغربية، فيما اشتد سعير النار المتبادل في الجبهة الشرقية والجنوبية في منطقتي المغرة ونجد الميضاح، تم خلالها "كسر أنساق الحوثي المهاجمة وتكبيدهم خسائر في الأرواح والعتاد"، وفقاً للضابط في التوجيه المعنوي بالمنطقة العسكرية الثالثة، شاجع بحيبح.
تعزيزات النار
وعلى مدى الأيام الماضية، دفع الطرفان بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى الجبهات الأمامية في مناطق المواجهات بمديرية الجوبة، لتعزيز خطوطهما، فيما أعلنت وزارة الدفاع منع تحرك المواطنين في الطرقات التي تربط بين المحافظات المجاورة لمأرب مثل البيضاء وشبوة، كونها "مناطق عمليات عسكرية" بالتزامن مع قصف مكثف لمقاتلات التحالف العربي المساند للشرعية اليمنية، التي تستهدف تحركات الميليشيات وعتادها المنتشر في محيط المناطق المذكورة.
وتأتي هذا التطورات بالتوازي مع تصعيد الحوثيين هجومهم الضاغط على مأرب، الذي دخل شهره التاسع، في محاولة للسيطرة على المدينة النفطية.
تطويع جبل مراد
وفي مساعيها نحو اتخاذ أسلوب إسقاط المناطق المتتالي، أكد الضابط بحيبح أن الجماعة المدعومة من إيران تسعى الآن للسيطرة على الطريق الذي يربط مدينة مأرب بمديرية جبل مراد لمحاصرة الأخيرة من كافة جهاتها بعد أن نجحت في حصارها من ثلاث اتجاهات خلال الأسابيع الماضية لتكرار سيناريو مديرية العبدية.
وتعرف مديرية جبل مراد بتضاريسها الجبلية الوعرة وترفض قبائلها المشروع الحوثي.
محاولة تسلل
في مسعى منها لإحداث تسلل مباغت عبر إرسال قوات إلى المناطق الخلفية للجيش، أكد بحيبح أن ميليشيات الحوثي قامت أمس بالتسلل الفاشل عبر طريق نجد الجلاء، وهي طريق جبلية قديمة ومهجورة وباشرت تعزيز مواقعها بآليات عسكرية من جهتها الشرقية إلى الجهة الشمالية ولكن مقاتلات التحالف العربي قامت باستهدافها بغارات مكثفة.
انتصارات ببطء
في استقراء للتطورات الميدانية في الجبهات الجنوبية لمأرب، يقول المحلل العسكري عبدالعزيز الهداشي، أن الحوثي يحقق تقدماً ميدانياً مستمراً في أقوى معاقل الشرعية وإن كان قام بخفض الزخم الهجومي بغية تطويق مأرب وربما إسقاطها من الداخل.
وأوضح أن الاستراتيجية الحوثية تقضي بوضوح بتطويق مأرب من الشمال والجنوب وقطع المنفذ الوحيد لها اليوم "مأرب – حضرموت"، وعزلها تماماً قُبيل الإجهاز عليها بشكل نهائي.
واستدل بما حققه الحوثيون خلال الـ48 ساعة الماضية بشنهم هجوماً شرساً في منطقة واسط (جنوب مأرب) اقترب على أثرها من مدينة "الجديدة" مركز مديرية الجوبة ومن المنشآت الحكومية فيها ولكن تم صده وسط سقوط قتلى بأعداد كبيرة من الجانبين.
كسارة أخرى
وعلى الرغم من التقدم الحوثي إلا أن الهداشي توقع أن تشهد الأيام المقبلة اشتداداً أكبر للمعارك في محيط الجوبة و "تحولها لـ"كسارة" أخرى تستنزف المزيد من ميليشيات الحوثي"، في إشارة إلى منطقة الكسارة غرب مأرب التي فشلت الجماعة في اختراقها منذ هجومها على مأرب قبل سبعة أشهر وتكبدت فيها خسائر فادحة.
وأرجع عدم استعادة الجيش والمقاومة زمام المبادرة وشن هجوم مضاد واكتفائهم بالدفاع المستميت إلى عددهم القليل جداً مقارنة بالأعداد الهائلة للميليشيات الحوثية التي تستقدم من عمقها الاجتماعي عبر الترغيب والترهيب وتزج الأطفال على غير هدى في محارق موت لا تهمها بقدر ما يهمها تحقيق انتصارات تكسب منها سياسياً.
الألغام للدفاع
الهداشي يرى أنه ليس أمام الجيش والمقاومة إلا زرع حقول من الألغام لمنع الزخم الهجومي للحوثيين ومنح الجيش فرصة لاستعادة أنفاسه سواء في ذلك الألغام المضادة للأفراد أو المدرعات، وهي استراتيجية تستخدمها كل جيوش العالم في أي معارك تخوضها.
وكانت ميليشيات الحوثي قد تمكنت في 23 من سبتمبر (أيلول) الماضي، من خنق محافظة مأرب بفتح ثغرة جنوبية لم تكن في حسبان القوات المناوئة لها.
فبعد أن فشل الحوثي في اختراق الضاحية الشمالية والشمالية الغربية لمأرب عبر الطرق والاتجاهات التقليدية، نجحت في الأسابيع الماضية في إحداث خرق جوهري مفاجئ باهظ التكلفة على القوات الحكومية بسيطرته على مديريات، هي بيحان، وعين، وعسيلان بشبوة، وحريب بمأرب، في مسعى لبسط سيطرتها على المحافظتين النفطيتين عقب مواجهات محدودة.
نزوح الأهالي
وتسببت العمليات العسكرية في مأرب بسقوط المئات من الضحايا المدنيين، إضافة إلى موجات كبيرة من النزوح القسري للسكان المحليين نحو مناطق بعيدة عن المواجهات في ظل فقر متفشٍ وظروف إنسانية صعبة، وسط مخاوف دولية متزايدة من سقوط ضحايا آخرين مع تصاعد وتيرة الهجوم الحوثي على المدينة التي يقطنها أكثر من مليوني شخص، وفقاً لإحصائيات رسمية.