Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين يقرع ناقوس "الأسلحة الجيوفيزيائية"

ما حدود استخدام الأسلحة المرتكزة على مبادئ الفيزياء والليزر في أزمات المناخ العالمي وهل يمتلك الأميركيون شبيهاً لها؟

الأسلحة المبنية على مبادئ فيزيائية جديدة ستضمن أمن أي بلد في المستقبل القريب (يوتيوب)

خلال لقائه مع مديري جلسات منتدى الشرق الاقتصادي، الذي انعقد في مدينة فلاديفوستوك في الشرق الأقصى الروسي في أوائل سبتمبر (أيلول) الجاري، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن روسيا التي تعمل على تصنيع أسلحة جديدة، غير أنها هذه المرة لم تكن أسلحة تقليدية على تنوعها وأهميتها، ولم يقصد بحديثه الإشارة إلى أسلحة نووية جديدة غير معروفة، تضاف إلى ترسانة روسيا الهائلة... ما الذي كان بوتين يقصده؟

الشاهد أنه قصد نوعاً جديداً من الأسلحة التي تقوم على ما أسماه "مبادئ فيزيائية جديدة"، معتبراً أن هذا النوع من الأسلحة، كفيل بأن يوفر نوعاً من الأمن والأمان في أي بلد.

بدا الحديث وكأنه مغلف بنوع من الغموض، وهو كذلك بالفعل، لا سيما حال قوله: "إذا نظرنا إلى قطاع الأمن، فإن الأسلحة المبنية على مبادئ فيزيائية جديدة ستضمن أمن أي بلد في المستقبل القريب. إننا نفهم ذلك بشكل جيد ونعمل على تحقيقه".

يعن للمرء أن يتساءل عن الأسباب التي دفعت في طريق هذه التصريحات بداية، ثم عن نوعية تلك الأسلحة ومدى الخطورة التي تمثلها على حالة السلم والأمن الدوليين.

يمكن من دون أدنى شك تفهم ما فاه به بوتين في ضوء الحرب الروسية – الأوكرانية الجارية، وما يتبدى من المواقف الغربية، الأميركية والأوروبية، وآخر تجلياتها، الإعلان عن مناورات الناتو غير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، والتي ستجرى في فبراير (شباط) ومارس (آذار) من عام 2024، وتحمل اسم "المدافع الصامت".

هنا يمكن للقارئ أن يستوعب تصريحات سيد الكرملين، بوصفها نوعاً من أنواع التحدي والتصدي، لمخططات الناتو العسكرية، في اللحظات الراهنة، وربما حملت كلماته رسائل تفيد بالاستعداد لرفع المستوى الصدامي العسكري، بصورة لم تعرفها الحروب التقليدية السابقة.

ما ذهب إليه بوتين، أكده وزير خارجيته سيرغي لافروف، في التوقيت نفسه، خلال كلمته للمشاركين في المنتدى الدولي لمناهضة الفاشية، والذي عقد في موسكو في الفترة من 12 إلى 13 سبتمبر، حيث أكد على ما أسماه: "ضرورة توحيد القوى لمواجهة إعادة كتابة التاريخ وانتشار أيديولوجية التعصب".

هل سيقدر لهذه الأسلحة القائمة على المبادئ الفيزيائية أن تعيد كتابة التاريخ؟ وهل يمر ذلك حتماً بميادين ضرب النار، وإشعال العالم بأسلحة نوعية ربما غير نووية، لكنها لا تقل ضراوة؟

ماهية الأسلحة ذات المبادئ الفيزيائية؟

لا يبدو حديث بوتين جديداً في واقع الأمر، إذ اعتبره العديد من المحللين الثقات، أنه إيذان بدخول تلك النوعية من الأسلحة إلى ميدان المعارك العسكرية التي تخوضها روسيا بالفعل.

غير أن التصريحات تقطع بأن روسيا متجهة بقوة بأفكار جديدة في مجال الصناعة العسكرية الخاصة بحروب المستقبل، والتي ستحسمها قدرة الدول على صنع أسلحة تعتمد على مبادئ فيزيائية جديدة.

قبل نحو أسبوع من حديث الرئيس بوتين، كان نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال أوليغ أوستابينكو، يعلن عن رؤية وزارة الدفاع الروسية لما أطلق عليه "آفاقاً رحبة لصنع أسلحة تعتمد على مبادئ فيزيائية جديدة".

الجنرال الروسي العتيد، قطع بأن هناك "أفكاراً فريدة يمكن تطبيقها اليوم"، بل أكثر من ذلك، فإن لدى الروس ما يفوق بقية القوى الغربية في هذا المضمار، لا سيما الأسلحة الشعاعية، والأسلحة الجيوفيزيائية، والأسلحة الموجهة، عطفاً على السلاح الجيني "الوراثي"، والسلاح النفسي الفيزيائي.

قبل بضعة عقود، كانت تلك الأسلحة تعد نوعاً من الأساطير، أما اليوم، فإن الأسطورة تتحول إلى حقيقة، تتشاركها القوى الكبرى، وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية.

من بين تلك الأسلحة السلاح الذي يعرف بـ"الشعاع الموجه"، وهو مدفع من الأشعة الكهرومغناطيسية التي يشعر بها الإنسان حين توجه إليه مباشرة، وتجعله يستشعر نوعاً من أنواع الحريق في جسده، ولهذا يبادر بالفرار من ميدان المعركة.

هناك كذلك مدفع يحمل اسم "مدفع مشاعر الخوف والرعب"، وهو يدفع من يتعرض له للإحساس بحالة من الذعر في أثناء المعارك، ما يحمله على الانسحاب تحت وطأة مشاعر طاغية لا يعرف لها سبباً.

تبدو الأسلحة المعتمدة على المبادئ الفيزيائية، كنوع من الأسلحة غير الفتاكة، لا تقتل ولا تذهب بحياة البشر، لكنها تحسم الكثير من المعارك.

والثابت أن الروس قد استهلوا مسيرتهم مع تلك الأسلحة من عقد من الزمن تقريباً، والعهدة هنا على الراوي، وزير الدفاع الروسي السابق أناتولي سيرديوكوف، ففي تصريحات أخيرة له أشار إلى أن برنامج صنع تلك الأسلحة قد بدأ عام 2012 بالفعل.

عن أولويات تسليح الجيش الروسي

هل تلك النوعية من الأسلحة هي الأولوية التي يوليها الروس اهتمامهم؟

بالعودة إلى مايو (أيار) من عام 2021، نجد أن نوايا العسكرية الروسية لم تكن خافية عن أحد، بل معروفة ومكشوفة للجميع.

في ذلك الوقت أي قبل نحو عامين، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، عن رؤية بلاده للتطوير العسكري للفترة الممتدة من 2024 إلى 2033، تقوم على تعزيز الأسلحة المرتكزة على الذكاء الاصطناعي، والأسلحة فرط الصوتية، والروبوتات العسكرية، والأسلحة القائمة على المبادئ الفيزيائية.

وفي توقيت مواكب لحديث بوريسوف، كان نائب رئيس اللجنة الصناعية العسكرية الروسية أندريه بلتشانينوف، يعلن بدوره عن استعداد مجمع الصناعات الحربية الروسية للحصول على أموال تقدر بنحو 22 تريليون روبل (330 مليار دولار) لإنتاج أنواع جديدة من الأسلحة ذات الرؤى والتوجهات الفيزيائية.

تتمثل الفكرة الرئيسية لهذه النوعية من الأسلحة في كونها قادرة على تعديل التوازن الطبيعي لمناخ الكرة الأرضية، وربما التلاعب بمقدرات هذا التوازن، عطفاً على استغلال الظواهر الطبيعية بعد تعديلات تدخل على مساراتها ومساقاتها، ومن ثم السيطرة عليها، وليس سراً القول إن كافة النوايا التي تقف وراء تلك البرامج، إنما تسعى خلف تطويع الطاقات الكامنة في باطن الكرة الأرضية بغية التأثير على بلاد الخصم، وتدمير ما عليها من إنسان أو حيوان ونبات.

هل هناك فارق ما بين الأسلحة القائمة على "مبادئ فيزيائية جديدة"، وتلك التي تنشأ من خلال محاولات التحكم في "فيزياء الطبيعة"، أو التي تعرف باسم الأسلحة الجيوفيزيائية؟

مؤكد أن هناك فارقاً، والبداية من عند الأسلحة ذات المبادئ الفيزيائية، إذ تتميز بخواص فيزيائية فريدة تتجاوز التكنولوجيات التقليدية، إلى مستوى من مبادئ التشغيل الحديثة نوعياً أو غير المستخدمة سابقاً.

وفي كل الأحوال يبقى الهدف الرئيس وراء تلك الأسلحة متمثلاً في التطلع لامتلاك اليد العليا في ساحة أي معركة مستقبلية، وسواء كانت في البر أو البحر، أما الجو فقد بلغ الأمر حد الحديث عن وضع "ألغام جوية"، في الهواء حول الكوكب الأزرق، ما يعني أن هناك قولاً وفعلاً حالة من الانقلاب في عالم الأسلحة الفيزيائية.

هل من أمثلة في هذا السياق على تلك النوعية المدهشة، المثيرة والخطيرة في الوقت ذاته؟

الطاقة الموجهة... انتشار عالمي واسع

يمكن القول إن الأساس العلمي الذي تقوم عليه كافة أنواع الأسلحة ذات المبادئ الفيزيائية، هو تسخير الطاقة المركزة وتوجيهها لتدمير أو إتلاف الأهداف الموجهة ضدها.

يمكن تسمية العديد من تلك الأسلحة الطاقوية الموجهة، غير أنه في مقدمها يأتي الحديث عن أسلحة الليزر، وأسلحة الموجات فائقة القصر "ميكروويف" عالية الطاقة، إلى جانب ما يعرف بالأسلحة الصوتية عالية القوة.

تقول شركة "غلوبال داتا"، لتحليل البيانات ومقرها الرئيس العاصمة البريطانية لندن، إن تلك النوعية من الأسلحة انتشرت بوتيرة متسارعة على مدار السنوات الأخيرة لدى العديد من جيوش دول العالم، نظراً لقلة تكلفتها التشغيلية ودقتها.

حين قال بوتين إنها أسلحة ستخدم كل دول العالم، وتجعل أي دولة قادرة على الدفاع عن ذاتها، فإنه لم يكن يتجاوز الحقيقة، فاليوم باتت جيوش بعض الدول مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، قادرة على نشر هذه التكنولوجيا مع الأسلحة والقدرات الأخرى الموجودة بالفعل.

وبحسب تقرير صادر عن "غلوبال داتا" عينها، فإن حجم الإنفاق على الاستثمارات المتعلقة بأسلحة الطاقة الموجهة عالمياً، بلغ 4.1 مليار دولار في عام 2020، إذ عكفت دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا وإسرائيل والهند وتركيا وكوريا الجنوبية على تطوير أسلحة طاقة موجهة قائمة على أشعة الليزر عالية الطاقة.

وبحسب التقرير، فإن جهود هذه الدول كانت ترتكز على هدف واحد، وهو امتلاك قدرات موثوقة تضمن احتفاظها بقوة ردع استراتيجي أو الاحتفاظ بهيبتها على مدى العقود المقبلة.

في هذا الإطار يبدو واضحاً أن السباق حول تفعيل الليزر كسلاح في الحروب المقبلة، بات يشكل علامة ضمن المواجهات العسكرية لا سيما بين واشنطن وموسكو.

الليزر الروسي كمثال للأسلحة الفيزيائية

ولأن واشنطن، كان لها ولا شك حضور فاعل على صعيد امتلاك نوعية عالية الجودة من أسلحة الليزر، هنا يمكننا أن نطرح علامة الاستفهام التالية: هل كان لروسيا أن تقصر في اللحاق بأسلحة أميركا الليزرية، أم أنها تسعى جاهدة لكي تسبقها بخطوات على الأرض وفي الفضاء إن أمكن؟

في الأسبوع الأخير من مارس (آذار) من عام 2021، كان الرئيس فلاديمير بوتين يؤكد أن تنفيذ مشاريع تطوير أسلحة الليزر الروسية في الوقت المناسب أمر بالغ الأهمية، لأن هذا النوع من الأسلحة سيحدد القدرات القتالية لجيش بلاده على مدى القرن الحادي والعشرين.

قصة روسيا مع الليزر، لا تقل فصولها إثارة عن نظيرتها الأميركية، فقد سبق لروسيا في ظل احتدام الحرب الباردة، أن أنتجت سلاحاً ليزرياً سرياً، من خلال مشروع أطلق عليه اسم "سوكول – أشيلون"، وهو عبارة عن طائرة من طراز "إيل -76"، مزودة بجهاز ليزر مخصص لمكافحة أقمار اصطناعية في طبقات الجو العليا أو الستراتوسفير.

ولعله من بين الأسئلة التي تستدعيها هذه السطور: هل قام الروس بجعل معارك سوريا لوحة تنشين لأسلحة ليزر جديدة والقيام بتجربتها هناك، وبخاصة في وسط الفوضى التي استمرت نحو عشر سنوات، وربما لا تزال قائمة ويمكن أن تكون كذلك مقبلة؟

يبدو أن ذلك كذلك بالفعل، وهو ما رصدته أجهزة استخبارات الدفاع للجيوش الغربية، لا سيما بعد إسقاط سلاح الليزر الروسي الجديد المسمى PERESVET لطائرة إسرائيلية من دون طيار في الجزء الجنوبي الغربي من سوريا.

لم تدارِ موسكو ما تقوم به على صعيد تطوير أسلحة ليزر، ففي يناير (كانون الثاني) 2020، أعلنت وكالات الأنباء الروسية أن القوات المسلحة الروسية قد خططت للانتهاء في عام 2020، من البحث لتطوير ليزر تكتيكي لتدمير الطائرات من دون طيار والأهداف السطحية المحمية بشكل خفيف للقوات البرية، كما سيتم الانتهاء من البحث والتطوير لإنشاء جهاز تشويش ليزر إلكتروني بصري تلقائي ضد وسائل المراقبة، وسيتم حمله على طائرة، كما أن العمل مستمر لإنشاء أشعة ليزر قوية من مختلف الأنواع، ويتم توسيع قدرات سلاح الليزر على متن سفينة في السنوات المقبلة.

في هذا الإطار يصرح الخبير العسكري الروسي، فيكتور موراخوفسكي، بأن وظيفة جهاز "بريسفيت"، تتمثل في مكافحة الطائرات والصواريخ المعادية، فاستخدام الليزر لهذا الغرض أقل تكلفة بكثير من استخدام الصواريخ الاعتراضية.

هل سبق الجانب الروسي نظيره الأميركي في عسكرة الفضاء الخارجي بأسلحة الليزر؟

هناك حديث يدور الآن بقوة في الداخل الأميركي، عن عودة روسيا إلى تطوير مدفع فضائي سوفياتي الصنع.

القصة برمتها لفتت إليها المجلة الأميركية الخاصة بالصناعات العسكرية، "ماشينو سترونييه"، وغطت زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لإحدى الشركات الروسية القائمة على صناعة هذا السلاح الجبار، فهل يكون أداة روسيا الفضائية الليزرية الموجهة إلى الولايات المتحدة بنوع خاص؟

من خلال تلك المعلومات السريعة، يوقن القارئ أن بوتين حقاً لم يكن بصدد الحديث عن مشروعات مستقبلية، بل كما توقع الكثيرون، فقد كان يعلن عن دخول هذه الأسلحة إلى ميدان المعركة.

ماذا عن الأسلحة الجيوفيزيائية إذاً؟

الجيوفيزياء والتلاعب بمقدرات الطبيعة

حتى الساعة لا يوجد تعريف واضح أو محدد للأسلحة الجيوفيزيائية، غير أن أقرب تعريف لها هو محاولة السطو على مقدرات الطبيعية، وتحويلها إلى قدرات فتك في معارك البشر المسلحة، ما ينتج منه دمار هائل وإصابات كبيرة.

جاءت تصريحات بوتين، على مقربة من حدثين طبيعيين مدمرين، زلزال المغرب، وعاصفة "دانيال" في ليبيا، الأمر الذي فتح الباب ومن جديد أمام التساؤلات المثيرة عن مقدرة الإنسان على التلاعب بقوى الطبيعة، وهو الحديث الذي انقسم من حوله المراقبون، بين من يرى أن هناك بالفعل من هو قادر على تدبير وترتيب عمليات تكتونية مثل الزلازل والانفجارات البركانية، التسونامي والعواصف في المحيطات والبحار، وبين من ينكر الأمر بالمرة، ويعتبره نوعاً من أنواع الفكر التاريخي التآمري.

غير أنه وفي كل الأحوال هناك إجماع على أن الأسلحة الجيوفيزيائية هي أنواع واعدة محتملة من الأسلحة، يرتبط تأثيرها الضار ببدء الظواهر الطبيعية الكارثية، مثل التغيرات في طبقة الأوزون، والظروف المناخية، وكل ما له علاقة بهندسة الطقس.

لكن على جانب آخر، يبدو أن هناك فرعاً خفياً في هذا الشأن، أشد هولاً، وأكثر وقعاً وضرراً، ويرتبط بالبشر وليس بالحجر، وإن كان يحتاج إلى قراءة مفصلة لاحقاً، إلا أننا نشير إليه في عجالة، بسبب الرابط بين البشر والكون.

هناك طريق صاعد، وإن كان شديد الوعورة والخطورة، يدور حول الأسلحة الجينية، ووسائل تدمير الجهاز الوراثي البشري، ما يسمى اليوم بـ"أسلحة الجينات"... ماذا عن هذه؟

باختصار غير مخل، هي مواد ذات أصل كيماوي أو بيولوجي يمكن أن تسبب طفرات جينية في جسم الإنسان، مصحوبة بخلل في الصحة أو سلوك مبرمج للناس.

هناك من الأسلحة الجيوفيزيائية، أسلحة موصولة بفكرة العرق والأصل الديموغرافي، وهو سلاح ذو عامل وراثي انتقائي، فهو مصمم لهزيمة مجموعات عرقية في المقام الأول.

ويمكن أن يمتد تأثير هذه الأسلحة ليشمل التربة والزراعات المتنوعة، بل الثروة الحيوانية.

الجيوفيزياء وحروب الفضاء المقبلة

هل سيكون ميدان رمي النار، والخاص بالأسلحة الجيوفيزيائية هو الفضاء المحيط بالكرة الأرضية، بعد أن استهلكت تقريباً كافة الميادين على سطح الكوكب الأزرق، والذي يكاد يرحل عما قريب من فعل التغيرات الإيكولوجية الخطيرة التي يمر بها؟

غالب الظن أن هناك حوادث تاريخية لم يتم إلقاء الضوء عليها بشكل كاف، لا سيما أنها جرت في زمن الاتحاد السوفياتي، حيث كانت القبضة الحديدية ممسكة بقوة على تدفق المعلومات، ولولا أن بعضاً من تلك الحوادث كان الأميركيون أطرافاً فيها لربما ظلت حبيسة الأضابير... ماذا عن ذلك؟

تبدو موسكو وكأنها متقدمة جيوفيزيائياً بنحو عقدين من الزمن على الولايات المتحدة، وهناك تجارب ووقائع ترجح ذلك.

على سبيل المثال لا الحصر، اقترح الماريشال السوفياتي ديمتري أوستينوف، ذات مرة استخدام نظام الليزر لمرافقة مكوك أميركي.

في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 1984، وأثناء الرحلة الثالثة عشرة للمركبة "تشالنجر"، وحين كانت مداراتها تمر فوق منطقة "بلخاش" الروسية، أجريت التجربة.

قام محدد الليزر بقياس معالم الهدف أثناء التشغيل في وضع الكشف بأقل طاقة إشعاعية، علاوة على ذلك كان الارتفاع المداري للمركبة الفضائية 365 كيلومتراً، وكان نطاق الكشف والتتبع المائل 400-800 كيلومتر.

نتيجة لذلك، انقطعت الاتصالات عن المكوك الأميركي فجأة، وتعطلت المعدات، وشعر رواد الفضاء الأميركيين بالتوعك.

لاحقاً اكتشف الأميركيون أن الطاقم قد خضع لتأثير مصطنع من جانب الاتحاد السوفياتي، وتم تقديم احتجاج رسمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل التزم السوفيات بفكرة عدم استخدام تركيبات الليزر في المستقبل، وعدم استهداف أي مشروع أميركي خارج سطح الأرض؟

ربما هناك في الملفات السرية للمواجهات الأميركية - الروسية، ما لا يعرفه أحد، وبخاصة أن المكوك "تشالنجر" عينه، انفجر عام 1986، وبالقطع لم يتم الإعلان بشكل مؤكد عما جرى، وهل كانت هناك مواجهة جيوفيزيائية قد جرت في أوج الحرب الباردة بين الجانبين الأميركي والروسي، أدت إلى هذا الانفجار لاحقاً أم لا؟

وفي الخلاصة، من المؤكد أنه ما بين الأسلحة المستندة إلى المبادئ الفيزيائية التي تحدث عنها الرئيس بوتين أخيراً، والحديث عن المواجهات الجيوفيزيائية، والتي تكشف الحوادث التاريخية عن أنها ليست محدثة، يجد العالم نفسه أمام موجة جنونية من حروب المستقبل، حيث المزج بين النوعين من التسلح قائم وماض بسرعة كبرى.

وفي ظل السيناريوهات المفتوحة، للصراع الروسي - الأوكراني، والأميركي - الصيني، وبقية المواجهات الإقليمية والدولية حول الكرة الأرضية، يتساءل المراقب المحقق والمدقق: إلى أين يمضي عالمنا المأزوم، وهل سيكون السلام من نصيبه أم القارعة التي يمكن أن تنتهي إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل؟

المزيد من تقارير