Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا دخلت السعودية معترك "الليثيوم" الدولي؟

سرعت البلاد من وتيرة حصولها على إمدادات المعدن عبر اتفاقيات مع الدول المتوفرة على احتياطات كبيرة منه مثل تشيلي وأستراليا لدعم صناعتها المحلية

إحدى مناطق معالجة الليثوم الواقعة شمال تشيلي (رويترز)

ملخص

نقلت تقارير أجنبية عن وزير الصناعة السعودي أن بلاده مهتمة بتأمين إمدادات الليثيوم بسرعة، بما في ذلك إمدادات تشيلي، إذ تهدف إلى إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية محلياً، وقال "لدينا قيادة طموحة للغاية. نحن جادون في الحصول عليها الآن... في أقرب وقت ممكن".

دخلت السعودية في وقت مبكر إلى السباق مع كبرى الدول المصنعة للحصول على معدن "الليثيوم" المستخدم في العديد من التقنيات مثل بطاريات السيارات الكهربائية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية.

وتسعى البلاد لتلبية حاجاتها من المعدن النفيس، بهدف التحول إلى مركز لتصنيع البطاريات والمركبات الكهربائية، وسد فجوة حرجة عالمية في هذه السوق المتنامية، ومستهدفةً أن تكون 30 في المئة من ملايين السيارات التي تجوب شوارعها مدعومة بالطاقة النظيفة، بحلول نهاية هذا العقد.

وفي إطار طموحاتها بحثت السعودية أخيراً عن فرص الاستثمار في إنتاج "الليثيوم" مع جمهورية تشيلي الواقعة في أميركا الجنوبية بوصفها إحدى أكبر منتجي المعدن في العالم.

وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال زيارة لتشيلي يوم الإثنين الماضي "إن شركة "منارة المعادن" السعودية هي مشروع مشترك بين شركة التعدين المملوكة للدولة "معادن" وصندوق الاستثمارات العامة، وتعكف على تحليل الخيارات المختلفة"، مشيراً إلى أن الشركة مهتمة بتشيلي، ثاني أكبر منتج في العالم للمعدن المستخدم في صناعة البطاريات.

وبحسب "رويترز" قال الخريف "أعتقد أننا يمكن أن نرى شيئاً يحدث مع "منارة" في ما يتعلق بالأصول التشيلية هنا. هذا منطقي للغاية"، مضيفاً أنه لمس التزاماً كبيراً من الحكومة التشيلية بالمساعدة في تأمين الاستثمار، مشيراً إلى أنه ليست لديه تفاصيل عن مناقشات جارية.

وتبحث شركة التعدين المملوكة للدولة في تشيلي "كوديلكو" حالياً عن شريك لمشروع كبير لليثيوم في منطقة ماريكونجا الملحية، وأتاحت الحكومة أخيراً عدداً من مستودعات المعدن الثمين الأخرى للاستثمار الخاص.

ونقلت الصحافة الأجنبية عن الوزير السعودي أن بلاده مهتمة بتأمين إمدادات الليثيوم بسرعة، منها إمدادات من تشيلي، إذ تهدف إلى إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية محلياً. وقال "لدينا قيادة طموحة للغاية. نحن جادون في الحصول عليها الآن... في أقرب وقت ممكن".

وقال الرئيس التنفيذي لـ"كوديلكو" روبن ألفارادو أن "مسؤولين في قطاع التعدين بالسعودية أبدوا اهتمامهم بمشروع ماريكونجا لليثيوم وفرص أخرى مع كوديلكو خلال زيارة لتشيلي".

وذكرت وزارة التعدين في سنتياغو أن الخريف ناقش خلال اجتماع مع نظيرته التشيلية أورورا ويليامز سلسلة توريد المعادن وقضايا إمدادات المياه والليثيوم. وقالت الوزارة في بيان إن الخريف اقترح أيضاً إنشاء مجموعة بين الحكومتين لاستكشاف سبل التعاون المحتمل.

الليثيوم عنصر تحول

وقال المستشار الاقصادي حسام الدخيل لـ"اندبندنت عربية" إن التحوّل إلى الطاقة النظيفة من دون الليثيوم أشبه بالمستحيل، فهو "عنصر مهم في هذا الحقل، كما أنه يستخدم في العديد من الصناعات مثل بطاريات السيارات بأنواعها، وبطاريات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر"، مما سرع الاهتمام بالخام المستخدم في تلك التقنيات من جانب الرياض.

وأضاف أن أهم العوامل التي تجعل الاستثمار في إنتاج الليثيوم جذاباً هو الانتقال إلى الطاقة النظيفة والطلب الكبير على الهواتف الذكية والكاميرات وخوادم الإنترنت، ويمتد حتى الى الزجاج المقاوم للحرارة والسيراميك، مشيراً إلى أن الليثيوم سيعيد إلى الأذهان "حمى الذهب"، إضافة إلى إمكانية اعادة تدويره من البطاريات المستهلكة ليتم إعادة استخدامها مما يضمن استدامة الطاقة، كذلك فإن السعودية وفق تقديره مهتمة بالاستثمار في تشيلي بحكم أنها تسيطر على نحو ثلث انتاج العالم من خام المادة الاستراتيجية.

الطلب العالمي

ويعتبر المتخصص في شؤؤن الطاقة عائض آل سويدان في حديثه مع "اندبندنت عربية" أن دخول السعودية معترك الحصول على الليثيوم يعود إلى اهتمامها بصناعة السيارات الكهربائية من خلال شركة "لوسيد" وكذلك إطلاقها شركة "سير" وإنشائها مصنعاً لبطاريات السيارات الكهربائية واستهدافها تصنيع أكثر من 150 ألف سيارة كهربائية سنوياً بحلول عام 2026 ونصف مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2030.

فيما يتوقع آل سويدان أن ينمو الطلب العالمي على المعدن إلى نحو عشرة أضعاف خلال عشر سنوات مقبلة مدعوماً بالإقبال المتزايد على صناعة السيارات الكهربائية والطاقات المتجددة والصناعات الأخرى المتعلقة به، مما يتسبب بقفزات في الأسعار كبيرة.

بينما أوضح الدخيل أن الطلب على الليثيوم يعتمد بشكل كبير على الطلب على السيارات الكهربائية الذي قد انخفض، "ومن الصعب الحكم عليه لصعوبة توقع مستقبل السيارات الكهربائية بشكل واضح، ولكن مع اهتمام العالم بالطاقة الخضراء أو الطاقة المتجددة سيصبح هناك العديد من التطبيقات لليثيوم، وأتوقع بأن الطلب سيزداد على مر السنين المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مثلث الليثيوم

وتحتفظ بحيرات ملحية في جبال الأنديز التي تمتد عبر ثلاث دول في أميركا الجنوبية هي بوليفيا والأرجنتين وشيلي بـأكثر احتياطات المعدن في العالم حتى سميت "مثلث الليثيوم"، لتوفرها على أكثر من 75 في المئة من احتياطي الليثيوم على مستوى العالم.

وفي هذا السياق استحوذت أستراليا وتشيلي والصين على 88 في المئة من إنتاج الليثيوم في عام 2023، إذ تعد أستراليا أكثر دول العالم إنتاجاً للمعدن بواقع 86 ألف طن متري في عام 2023، بارتفاع كبير مقارنة مع 13 ألف طن متري فقط قبل عشر سنوات، بحسب بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

وعلق آل سويدان عن مستوى العرض والطلب وذكر أن "هناك فائضاً خلال جائحة كورونا، لكن تم امتصاصه بعد الجائحة، ويتوقع أن يكون هناك نقص في المعروض وشح في الإمدادات عالمياً ما لم يحدث أمر يقلص وتيرة الصناعات في بطاريات السيارات الكهربائية والطاقات المتجددة".

صناعة البطاريات

في غضون مساعي السعودية للاستثمار في الليثيوم وخطواتها التوسعية في معالجته بغية التحول إلى مركز لتصنيع البطاريات والمركبات الكهربائية، والتنويع في موارد اقتصادها المعتمد على النفط؛ أعلنت شركة "معادن" السعودية في مايو (أيار) الماضي عن استخراج المعدن من مياه البحر لكن ليس بمستويات قابلة للاستخدام التجاري، إذ إن مشروعها لا يزال في مراحله الأولى.

كانت إحدى الشركات السعودية وقعت في 2023 اتفاقية مع شركة EV Metals الأسترالية المصنعة للبطاريات، لتطوير مصنع هيدروكسيد الليثيوم بطاقة تقدر بتسعة آلاف طن، تساعد في إمداد السوق المتعطشة لهذه المادة بحاجته داخل السعودية وخارجها، إثر الطلب الكثير على المعدن الذي لا يمكن الاستغناء عنه في إنتاج البطاريات. ويتوقع أن يبدأ الإنتاج عام 2026.

وتهدف السعودية إلى إنتاج 500 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2030، بما في ذلك تلك التي تنتجها شركة "لوسيد موتورز" ومقرها الولايات المتحدة، والتي يستحوذ صندوقها السيادي على حصة الغالبية فيها، وتستضيف جدة مصنعاً آخر لها.

يذكر أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي أعلن عن إطلاق شركة "سير" لتصنيع السيارات الكهربائية، كأول علامة تجارية سعودية للسيارات، تخطط لإنتاج 170 ألف سيارة سنوياً بهدف تنويع مصادر الاقتصاد السعودي، ومن المتوقع أن تصل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر إلى 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) بحلول عام 2034.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم