ملخص
وفقاً لمقترح قدمته المفوضية الأوروبية، لا يمكن استخدام هذه الأموال لشراء أسلحة من بريطانيا أو الولايات المتحدة أو تركيا، بل يجب إنفاقها على شركات تصنيع الأسلحة الأوروبية فحسب
تعرضت جهود رئيس الحكومة البريطانية السير كير ستارمر لتوحيد أوروبا في مواجهة العدوان الروسي لانتكاسة خطرة، بعد أن نجحت فرنسا في منع دول الاتحاد الأوروبي من استخدام صندوق بقيمة 150 مليار يورو (162.8 مليار دولار) لشراء أسلحة من صناعة الدفاع البريطانية.
ووفقاً لمقترح قدمته المفوضية الأوروبية، لا يمكن استخدام هذه الأموال لشراء أسلحة من بريطانيا أو الولايات المتحدة أو تركيا، بل يجب إنفاقها على شركات تصنيع الأسلحة الأوروبية فحسب.
وأثارت هذه الخطوة غضب المسؤولين البريطانيين، خلال وقت يستعد فيه ستارمر لاستضافة قمة لقادة الجيوش الأوروبية اليوم الخميس لمناقشة نشر قوات دولية داخل أوكرانيا.
وبموجب المقترحات التي نشرت أمس الأربعاء، لن ينظر الصندوق في شراء أسلحة بريطانية إلا إذا وقع ستارمر اتفاقاً أمنياً مع بروكسل، وهو أمر ربطته فرنسا بحقوق الصيد.
وقال مصدر رفيع في الحكومة البريطانية، إن "أوروبا في حاجة إلى صناعة الدفاع البريطانية أكثر بقليل من حاجة الفرنسيين إلى بعض الأسماك الإضافية"، مضيفاً "من المذهل مدى تصرف الفرنسيين بطريقة طفولية، إذ لم يدركوا بعد خطورة اللحظة الحالية".
وخلال الأسابيع الأخيرة، وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه علناً إلى جانب ستارمر في طليعة الجهود الأوروبية لإعادة التسلح، وذلك بعد التصريحات المترددة للرئيس الأميركي دونالد ترمب في شأن المادة الخامسة من ميثاق "ناتو"، والتي تنص على أن الأعضاء سيتحركون للدفاع عن أي حليف يتعرض لهجوم، إذ قال ماكرون "يجب أن نتحرك بوحدة كأوروبيين".
في الوقت نفسه، قادت فرنسا بنجاح جهداً دبلوماسياً في بروكسل لاعتماد نهج "أوروبي فحسب" في المشتريات، مما أدى إلى استبعاد شركات الدفاع البريطانية الكبرى مثل "BAE Systems" و"Babcock" من صندوق الاتحاد الأوروبي البالغ 150 مليار يورو (162.8 مليار دولار)، والمعروف باسم الإجراء الأمني لأوروبا "SAFE".
"مفتاح قتل"
وسيقيد الصندوق شراء أنظمة الأسلحة المتقدمة التي تمتلك فيها دولة غير عضو في الاتحاد الأوروبي، مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة، "سلطة التصميم"، وذلك بهدف منع أية دولة غير أوروبية من التأثير في استخدام الأسلحة بعد بيعها.
ويأتي ذلك بعد قرار ترمب تجميد المساعدات العسكرية موقتاً ووقف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، مما كشف عن اعتماد أوروبا الكبير على الأسلحة الأميركية، التي تشكل نحو ثلثي واردات الأسلحة الأوروبية، وأثار مخاوف من إمكانية حجب واشنطن أو تعطيل أنظمة أسلحة رئيسة.
واضطرت الولايات المتحدة إلى نفي وجود "مفتاح قتل" في مقاتلات "F 35"، التي تستخدم على نطاق واسع في أوروبا، وخضعت أنظمة الدفاع الجوي باتريوت الأميركية للتدقيق، بعد أن أثبتت فعاليتها في إسقاط الصواريخ الروسية الباليستية والمجنحة في أوكرانيا.
وقال أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي إلى "تايمز" إنه "لا يمكننا أن نسمح بوضع تمتلك فيه دولة من خارج الاتحاد الأوروبي السيطرة على استخدام السلاح أو وجهته، أو يكون لديها حق الاعتراض على ذلك".
وفي نهاية الأسبوع الماضي، قدم ماكرون عرضاً لحلفاء أوروبا لشراء أنظمة الدفاع الصاروخي الفرنسية والطائرات المقاتلة بدلاً من الأسلحة الأميركية، قائلاً "يجب عرض نظام ’SAMP/T‘ الفرنسي الإيطالي من الجيل الجديد لأولئك الذين يشترون باتريوت، ويجب عرض طائرة الرافال لأولئك الذين يشترون ’F 35‘".
ومع ذلك، رفضت دول أوروبية أخرى بما في ذلك ألمانيا وبولندا، عرض ماكرون لشراء الأسلحة الفرنسية، إذ قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين "للأسف، الأسلحة الفرنسية ليست بنفس الجودة أو متاحة بسهولة".
وعلى رغم استبعاد بريطانيا من الصندوق، يعمل ستارمر مع الدول الأوروبية على إنشاء "بنك إعادة التسلح"، إلا أن الصندوق البالغ قيمته 600 مليار يورو (650.4 مليار دولار) سيكون مستقلاً عن الاتحاد الأوروبي، في محاولة لمنع دول مثل المجر الحليف للكرملين من فرض حق الفيتو على قرارات الإنفاق.
ويأمل المسؤولون البريطانيون في أن تتمكن دول مثل ألمانيا من شراء الأسلحة من الشركات البريطانية بصورة أحادية، إذا أصرت فرنسا على نهج حمائي للأموال المشتركة في الاتحاد الأوروبي، وفقاً لما أفادت به صحيفة "تايمز".
وأعاد المستشار الألماني فريدريش ميرز صياغة قواعد الاقتراض في البلاد، لتمويل زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي.
ومن جهة أخرى، تبين أن "صندوق الثروة الوطني" داخل المملكة المتحدة لن يعطي الأولوية لصناعة الدفاع كقطاع رئيس، بدلاً من ذلك سيعطي الصندوق الذي تبلغ موازنته نحو 28 مليار جنيه استرليني )36.2 مليار دولار) حتى نهاية الدورة البرلمانية، الأولوية للاستثمار في الطاقة النظيفة والتصنيع المتقدم، والتكنولوجيا الرقمية والنقل.