ملخص
تفجر النقاش السياسي مجدداً حول دور "الدولة" في الوجبة الدرامية الرمضانية هذا العام، وحجم مسؤوليتها عن النقد اللاذع الذي وجهه كثيرون للمحتوى الدرامي. وبين فريق مؤيد يدافع عن خطوات التصحيح الذاتي من منطلق انتماء أيديولوجي داعم للدولة ومعضد للنظام، وآخر مندد بما تقوم به الإدارة السياسية عموماً، وعلى صعيد الدراما خصوصاً، وكيف تحاسب نفسها بنفسها، وذلك من منطلق المعارضة بالصورة العامة، يستمر لجوء المصريين لحلبة المصارعة الدرامية الرمضانية بديلاً عن الساحة السياسية المحدودة أو الضيقة أو المغلقة للتحسينات، وذلك لحين إشعار آخر
في مصر، مجموعات تناقش ما برز من مشكلات الوطن، وسبل حلها. تجمعات أخرى تعيد ترتيب الأولويات المطروحة، وتعتبر أن الصراعات والحروب والمعضلات الجيوسياسية لها الأولوية هذه الآونة على المشكلات الاجتماعية مهما بلغت من أهمية. فريق ثالث ينتقد وينتفض ويتساءل مستنكراً عن سبب الابتعاد من الدق على أوتار الاقتصاد المتهالكة، وكأن "كله تمام" ولا شكوى من الغلاء أو لا أنين من التضخم وجشع التجار.
هؤلاء يعتبرون الدولة مسؤولة عما وصلت إليه القضايا المطروحة من سخونة واحتقان، وأولئك يلقون كرة الاتهام في ملعب المثقفين والمفكرين، لأنهم لصمتهم أو سمتهم التي تميل للانعزال تركوا السياسة في واد والناس في واد آخر.
قوائم النقاش العام
بعضهم يخصص وقته في ساعات قبل الإفطار لعمل قوائم تحوي الحلول المثلى للمشكلات التي يجري طرحها بعد الإفطار، لكن كلاً منهم من خلال وجهة نظره الشخصية وبحسب رؤيته سواء السياسية أو الأيديولوجية وكذلك الدينية. بعضهم الآخر يعتبر مثل هذا الوقت ضائعاً، ويعلن أن الأولى هو تجاهل المشكلات الجاري نقاشها، وعمل قوائم جديدة تماماً تحوي القضايا التي ينبغي طرحها للنقاش العام.
تبادل وتنافر وتوافق وتعارض، واتفاق واختلاف ورفض وموافقة، وتثمين وتنديد وإعادة صياغة ورفض لكل ما سبق، ثم دعوة إلى النقاش الهادئ بدلاً من الزوابع والبراكين، يهدأ بعضهم ويرتدع وتبدأ موجات نقاش في اليوم التالي تعكس طيفاً بالغ الثراء من الآراء والأيديولوجيات، وما أن يقترب موعد الإفطار حتى تكون النبرة عاودت ارتفاعها واللهجة استرجعت عصبيتها انتظاراً لما ستسفر عنه الأحداث عقب الإفطار مباشرة.
على مدار أيام شهر رمضان، تحولت ساحات النقاش، أو بالأحرى العراك، الشعبية إلى حلبات مصارعة تتقاتل فيها وجهات النظر المختلفة أمام حضور عريض بعضه يشجع هذه الوجهة، وبعضه الآخر يدعم الوجهة الأخرى. إنها حلبات مناقشة الدراما الرمضانية المقدمة على الشاشات. وعلى رغم أنها حلبات تقام سنوياً منذ فرضت الدراما والأعمال التلفزيونية نفسها سمة من سمات رمضان، وعلامة من علامات 29 أو 30 يوماً مضاف إليها أيام العيد، إلا أن الحلبات هذا العام تطغى عليها نكهات سياسية، وتنضح مفرداتها بمخزون شعبي بدا أنه مكتوم وراغب في التعبير، ويحن إلى التنظير، فاعتبر دراما رمضان قشة يتعلق بها الحالمون بالتعبير والتواقون إلى الحراك.
وعلى رغم الجماهيرية الطاغية والشعبية الجارفة لأيديولوجيا "حزب الكنبة" الذي يعتنق مبدأ الصمت السياسي، ويؤمن بالحذر المفرط لدى المجاهرة بالآراء، وحظر الململة العلنية، واعتبار الاحتجاج من المكروهات، إلا أن هذا لا يمنع بمن انجراف الكنبويين بين وقت وآخر للحراك السياسي، ولو على وقع الدراما.
السنوات، وربما الأشهر القليلة التي تلت أحداث يناير (كانون الثاني) عام 2011 قلبت موازين نظرية "حزب الكنبة"، ومن كانوا ينظر إليهم قبل الأحداث باعتبارهم قاعدة عريضة من المواطنين تعتنق مبدأ اللامبالاة السياسية، مع الاحتفاظ بحق التململ الاقتصادي والضجر من الأوضاع المعيشية، تحولوا إلى مواطنين مؤمنين وراغبين ومقبلين على الحراك السياسي، والبحث والتنقيب في الأحزاب السياسية التي خرجت إلى النور من رحم الأحداث، بل وذهب بعضهم إلى درجة الاطلاع على البرامج، والتعرف إلى الأيديولوجيات، والاقتراب من الخلفيات السياسية، بل وإبداء الاهتمام بالعضوية الحزبية.
جدير بالذكر أن هذا الاهتمام الذي لم يكتب له الدوام بالعضوية الحزبية كان في غالبه منزهاً عن الأغراض الكلاسيكية الخدمية التي كانت تقدمها الأحزاب في أزمنة سابقة، وكذلك عن الأهداف التقليدية لتلك الأحزاب، لا سيما الحزب الحاكم، لتوسيع القاعدة الشعبية "المفتعلة"، وذلك على سبيل الاستعداد للانتخابات.
على أية حال، انقضى زمن الأهداف التقليدية، كما انتهت حقبة الاهتمام والحراك والتفاعل السياسي الشعبي المصري عبر المنصات الحزبية، وذلك بعد فترة وجيزة من أحداث الـ30 من يونيو (حزيران) عام 2013. شاع شعور لدى كثيرين بالتشبع من الحراك السياسي، ووصل الأمر لدى بعضهم باعتزال السياسة، أو في الأقل الاكتفاء بالجرعات المكثفة، التي جعلت من غالبية الـ90 مليون مصري في عام 2011 خبراء ومنظرين ومحللين ومنظرين سياسيين.
راوده الحنين
ويبدو أن جانباً من الـ107 ملايين مصري في رمضان الجاري (2025) راوده الحنين إلى الجدال والنقاش، وربما العراك، السياسي، وهو الحنين الذي لا يجد متنفساً زمانياً ومكانياً له إلا في الدراما الرمضانية. حلبة الصراع الدرامي هذا العام تنضح منها نكهات جيوسياسية ومذاقات اقتصادية مع نبرات سياسية. ولولا أن الجولات التي تحتدم عقب الإفطار مع كل بث لحلقة جديدة، أو نهاية لمسلسل وبداية لآخر تتخذ من الأحداث والممثلين والحبكة الدرامية والعلاقة بين أبطال العمل والمخرجين والمنتجين نقطة الانطلاق الرئيسة، لظن المراقبون أن نشطاء "حزب الكنبة" عادوا مجدداً لساحة المشاركة السياسية، وهي الساحة التي اقتحموها وهيمنوا عليها في أحداث عام 2013 التي أسقطت حكم جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك في الانتخابات الرئاسية في العام التالي، وذلك قبل أن يعودوا أدراجهم للصمت الكنبوي الذي لا يتطرق إلى السياسة علناً، أو يتدخل في الاقتصاد جهراً.
وعلى رغم عدد الأحزاب السياسية الذي أخذ في الزيادة المطردة في السنوات التالي للانتخابات الرئاسية في عام 2014، إلا أن هذه الزيادة لم تنعكس إيجاباً على الحراك السياسي أو التعبير السياسي الشعبي الذي ظل يعاني أنيميا حادة.
وفي ذلك، تتعدد التفسيرات والتكهنات. فبين قائل إن الحياة الحزبية ماتت إكلينيكياً، وملوح بأن الأحزاب فقدت زخمها وتشتت هدفها، ومؤكد أن غياب المعارضة الحقيقية هو السبب، ومرجح أن يكون السبب الأبرز هو تدني ثقة المصريين في الكيانات الحزبية، تراجع الحراك الشعبي وتقهقر التعبير السياسي.
يشار إلى أن مؤسسة "الباروميتر العربي" أشارت في تحليل لها عن "الأحزاب السياسية العربية وتحدي الثقة المزدوج" (2020) إلى أن تدني الثقة في الأحزاب، وانعدام شعبيتها عربياً، مقارنة بالمؤسسات السياسية والأمنية، له فرضيات عدة، منها أن الشعوب العربية تشعر بحرية أكبر بانتقاد الأحزاب السياسية والبرلمانات وملامتها على تردي الأحوال السياسية، أو أن الأحزاب تفتقد ما تتحلى به المؤسسات الأمنية من انضباط، أو أن المواطن العربي يرى الأحزاب السياسية فاقدة قرارها وقدرتها على التأثير في المآلات السياسية، أو وأنها أضحت نوادي أيديولوجية لا علاقة لها بمشاعر الغضب أو أسباب الاحتجاج لدى المواطن العادي.
الاستطلاعات والدراسات القليلة المتوافرة حول دور الأحزاب السياسية في مصر، وتأثيرها في الرأي العام وتأثرها به، وحجم دورها كمنصة تعبير سياسي للمصريين، قليلة، لكن المتاح منها يخرج بالنتائج نفسها.
غالبية الدراسات تجمع على أن المصريين يريدون بالفعل أحزاباً فعالة ومنظمة، ولديها سياسات قادرة على معالجة همومهم، والتعامل معها، وأن في مقدور الأحزاب أيضاً أن تتبع طرقاً أكثر فعالية في حملاتها الانتخابية وكيفية تميزها في ما بينها.
تشابه الأحزاب السياسية في ما بينها لدرجة التطابق أحياناً، ووقوف غالبها إلى جوار أو خلف السلطة، بل والإعلان المستمر من بعضها بدعم السياسات الرسمية وتعضيد القرارات الحكومية، وبعضها السبب الرئيس في أوجاع المصريين، دفع بالغالبية الشعبية بعيداً من الأحزاب، باعتبارها ساحة تعبير سياسي يفترض أنها متاحة للجماهير.
ويضاف إلى ذلك ما يسميه بعضهم بـ"تضييق أو ضيق المجال العام"، أو فرض قيود على حرية التعبير لأسباب تتعلق بظروف الصراع الإقليمي أو التوتر الدولي أو لعدم إثارة البلبلة داخلياً في ظل أوضاع الشرق الأوسط المتأزمة المتفاقمة، أدت إلى إحجام كثيرين، وفي أقوال أخرى تخوفهم، عن التعبير السياسي عما يجول في صدورهم، لكن أتت المناقشات الحامية والمحتدمة التي أججها المحتوى الدرامي المثير للجدل في رمضان هذا العام لما لا يشتهيه داعمو مبدأ تضييق مجال التعبير والحراك السياسي الشعبي.
على هامش الشد والجذب بين معارضين يعتبرون محتوى نسبة كبيرة من المسلسلات الرمضانية يدعم ويروج ويجذر لمبادئ البلطجة والعنف، والخروج على الأخلاق والأعراف، والتطبيع مع الرذيلة والألفاظ النابية والعلاقات غير الشرعية، ومؤيدين يعتبرون المسلسلات انعكاساً للواقع، بغض النظر عن مدة حسنه أو قبحه، وأنها لا تخترع قضايا، بل تنقل الموجود بحبكة درامية، تفجرت ينابيع التعبير السياسي بين جموع المشاهدين، وذلك في ظاهرة متفردة وغير متوقعة.
من المسؤول؟
بعضهم انتقل من انتقاد أفكار العنف والبلطجة وخرق القانون في أعمال رمضان إلى تحميل المسؤولين السياسيين مغبة هذه الأجواء، وذلك من باب تحميل القيادة السياسية، من وزراء وكبار الموظفين، مسؤولية المشكلات التي تعتري المجتمع، التي تنقلها الدراما بالتبعية.
الفريق المضاد اعتبر مثل هذا الاتهام في غير محله، حيث المعارضين والمختلفين مع النظام السياسي هم من يثيرون الزوابع ويحركون الفتن، ويروجون لـ"أكاذيب"، مفادها بأن البلطجة والعنف والفساد والتدني الأخلاقي سادت في المجتمع، وأن هذا عار تماماً من الصحة.
آخرون انتقدوا غياب، أو ما سموه بـ"التغييب المقصود"، للتعامل الدرامي مع الأزمة الاقتصادية التي يعانيها المصريون، معتبرين أن الدراما مرآة الشعوب، وأن عدم وجود عمل درامي واحد يتطرق إلى الأوضاع الاقتصادية بالغة الصعوبة التي تعانيها الغالبية، إنما يعكس قبضة أمنية وسياسية حديدية على الأفكار والأعمال الدرامية.
ويذهب بعضهم في مناقشات ما بعد الإفطار الضارية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى جهات الإنتاج المختلفة، محملة إياها مسؤولية تشويه مكانة مصر وسمعة المصريين، وكأن أفكار المسلسلات مؤامرة سياسية تهدف إلى هدم الأوطان وتفتيت المجتمعات.
بالطبع لا يخلو معترك التعبير السياسي الشعبي على وقع المسلسلات الرمضانية من مكون الإسلام السياسي، الذي إن وجد أبواب النيل من ليبرالية الفنون ومدنية الدراما تسلل من نوافذ الوعظ الديني والإرشاد الاجتماعي. ففي خضم "هبد" ما بعد الإفطار انتقاداً للدولة التي تركت الدراما تسيء للبلاد، و"الرزع" المضاد الذي يحمل صناع الدراما والقائمين عليها مغبة الإساءة، إن وجدت لا الدولة أو مؤسساتها، وتوضيحات تدعي أن جزءاً معتبراً من المنتج الدرامي هو فعلياً من إنتاج شركات تملكها الدولة، تندلف أصوات المنتمين لتيارات الإسلام السياسي، حيث مطالبات بوقف بث الأعمال الدرامية التي تحمل صانعيها ومشاهديها ذنوباً وآثاماً، ومناشدات بالتركيز على حكم الشرع في الموسيقى والغناء والتمثيل باعتبارها جميعاً حراماً وشراً وفتنة، وتكثر بين أبناء هذا الفريق تلميحات تحمل الإدارة السياسية مسؤولية نشر المفاسد والسكوت على الموبقات في رمضان.
اللافت أن أصواتاً بدأت تعلو متسائلة عن أسباب عدم تطرق الأعمال الدرامية الرمضانية إلى قضايا "الأمة" الحقيقية، وأبرزها هذا العام كما يقول بعضهم هو الحرب في غزة. هذا الفريق يزدري تخصيص أعمال درامية لعرض مسيرة راقصة وعلاقاتها غير الشرعية، ويعتبرها "مؤامرة" لهدم الوطن. ويرد على "المؤامرة" آخرون يعتبرون الفكر التآمري هزلاً، ورفض وجود راقصة في عمل درامي هو رفض للواقع، وهو ما يعكس عواراً في التعليم ونقصاناً في القدرة على تقييم الأمور ودفناً للرؤوس في الرمال. فريق آخر يعتبر نماذج العلاقات غير الشرعية وتجار ومتعاطي المخدرات والبلطجية وغيرهم في المسلسلات انعكاساً طبيعياً للتغيرات السياسية والاجتماعية التي حدثت في المجتمع، وإن التقويم يبدأ من أرض الواقع عبر القائمين على السياسة، لا من الشاشات أو مواقع التصوير عبر تقييد وتحجيم صناع الدراما.
اللافت أن الفريق الذي قرر أن يزج بغزة وأحداثها الملتهبة في الحراك الدرامي المتحول سياسي اتخذ من النقد الفني الرمضاني متنفساً لمواقفه في شأن حرب غزة، بعد ما أعيته سبل التعبير الأخرى. جانب من هذا الفريق لا يرى في ما حوله إلا حرب إبادة لمسلمين، وسكوتاً دولياً وعربياً على ما يتعرض له مسلمون، ومن ثم لا يرى في مسلسلات رمضان إلا تجاهلاً للإبادة، وتضامناً مع الساكتين باعتبارهم مشاركين. الجانب الآخر من هذا الفريق يتعامل مع غياب تناول قضية غزة في الدراما الرمضانية، وكذلك غياب الدراما الوطنية الحديثة، مثل أجزاء مسلسل "الاختيار" في سنوات سابقة باعتباره سقطة من القائمين على المشهد الدرامي الرمضاني.
إسرائيل وغزة والمسلسلات
الناقدة الفنية ماجدة موريس كتبت تحت عنوان "مسلسلاتنا التي ينتظرونها بقلق" (2025): "هل يمكن أن ننسى للحظة واحدة العدوان الإسرائيلي على غزة؟"، وتطرقت إلى الصراع المستمر مع "دولة العدوان" (إسرائيل) عبر سلسلة الحروب من 1956 إلى 1967 وصولاً إلى حرب 1973، التي قدمها الفن المصري في صور عدة، مثل "رأفت الهجان" و"دموع في عيون وقحة" و"حرب الجواسيس" وغيرها.
وتقول موريس إن مثل هذه الأعمال التلفزيونية والسينمائية استفزت الإسرائيليين، ودفعتهم إلى متابعة موسم الدراما في رمضان من كل عام، وهو ما يبدو واضحاً في تصريح لصحافية إسرائيلية قالت إنها مندهشة وفخورة بالإعلام العربي الرسمي، لأنه حقق معجزة، وهي بحسب ما قالت "قدم 37 مسلسلاً دخلت ملايين البيوت في العالم العربي في رمضان، لكن لم يأت ذكر إسرائيل أو غزة في واحد منها".
وتضيف موريس، نقلاً عن تصريحات الصحافية الإسرائيلي، أنه في الماضي كانت إسرائيل هي محور مسلسلات الجاسوسية والمقاومة كعدو في رمضان، واليوم اختفى ذلك تماماً؟ إنه شهر رمضان من دون إسرائيل. وتعلق موريس على ذلك بأن الأعمال الدرامية المصرية دأبت على التسبب في قلق إسرائيل التي تتابع المسلسلات المصرية بحثاً عن الأعمال التي تتناول نظرة المصريين لإسرائيل.
وأشارت موريس، وكأنها تحث مسؤولي الدراما المصرية على سرعة إنجاز عمل أو أعمال تتطرق إلى قضية غزة والاحتلال والعدوان الإسرائيلي، إلى أنها على ثقة بوجود قصص وسيناريوهات عدة تجهز لتقديمها في الأيام المقبلة، لـ"أن مصر والمصريين يدركون جيداً معنى مواجهة هذا العدو، وأن جهد مصر وأبنائها في التعامل مع حرب غزة هو إضافة للسلوك المصري في مواجهة العدو الإسرائيلي، وأن خلو مسلسلات رمضان هذا العام من العدو الإسرائيلي ومن حرب غزة لا يعني أي تغيير في موقف مصر والمصريين".
يشار إلى أن قراراً صدر قبل ساعات بإعادة تشكيل لجنة الدراما من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام على أن تترأسها موريس، وذك بعد اعتذار الكاتبة الصحافية علا الشافعي عن رئاسة اللجنة.
الاعتذار وطرح الأسماء ومراجعة المهمات فتح مزيداً من أبواب التسييس الشعبي لدراما رمضان، فما أن أعلنت الشافعي أن سبب اعتذارها عن رئاسة اللجنة هو حرصها على عدم تضارب المصالح، هرع كثيرون إلى محركات البحث لمعرفة من مسؤول عن ماذا في الدراما ولماذا؟ كون الشافعي هي المشرفة على المحتوى الدرامي في الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، كان من شأنه أن يتعارض وترؤسها لجنة مهمتها متابعة ورصد الأعمال الدرامية، وإعداد تقارير في شأنها، مع فحص المخالفات والتحقق منها، واقتراح الإجراءات المناسبة، ومتابعة الالتزام بالمعايير والأكواد الصادرة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
يذكر أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية يشار إليها باعتبارها كياناً اقتصادياً وطنياً، وأحد أهم أدوات الدولة لصناعة الفكر المستنير وقوة مصر الناعمة التي تقدم محتوى إعلامياً ودرامياً يعكس الهوية المصرية، ويواجه محاولات التضليل ويعزز القيم الإيجابية.
وهنا، تفجر النقاش السياسي مجدداً حول دور "الدولة" في الوجبة الدرامية الرمضانية هذا العام، وحجم مسؤوليتها عن النقد اللاذع الذي وجهه كثيرون، بمن فيهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نفسه، للمحتوى الدرامي. وبين فريق مؤيد يدافع عن خطوات التصحيح الذاتي من منطلق انتماء أيديولوجي داعم للدولة ومعضد للنظام، وآخر مندد بما تقوم به الإدارة السياسية عموماً، وعلى صعيد الدراما خصوصاً، وكيف تحاسب نفسها بنفسها، وذلك من منطلق المعارضة بالصورة العامة، يستمر لجوء المصريين لحلبة المصارعة الدرامية الرمضانية بديلاً عن الساحة السياسية المحدودة أو الضيقة أو المغلقة للتحسينات، وذلك لحين إشعار آخر.