في الوقت الذي تعاني دول عربية عدة من الطائفية والتفرقة بسبب الدين والمعتقدات، ضرب الفنان الأردني الكوميدي نبيل صوالحة مثالاً يحتذى في التعايش وحرية الأديان في الأردن، حينما أصر على مرافقة ولده عمر إلى المحكمة الشرعية في عمّان لإشهار إسلامه بعد نيته الزواج من فتاة مسلمة يحبها.
وأعلن الشاب عمر صوالحة نجل الممثل نبيل صوالحة اعتناقه الدين الإسلامي في المحكمة الشرعية الخميس 11 أبريل (نيسان)، بينما علق والده نبيل صوالحة بالقول "الدين يؤلّف ولا يفرّق، وعمر سيبقى ابني أياً كانت ديانته". وقال الفنان صوالحة في تصريحات صحافية "نحن عرب، وكلنا واحد، وتعايشنا كمسلمين ومسيحيين في هذا البلد منذ آلاف السنين، يجمعنا بيت ورغيف خبز واحد".
ونوّه الفنان الأردني الذي ينحدر من مدينة مأدبا إلى التعايش الديني الراقي في مدينته بين المسلمين والمسيحيين حيث توجد عائلات أردنية يعتنق أفرادها الديانتين الإسلامية والمسيحية. صوالحة أضاف "إن قرار تغيير الديانة، يعود لابنه عمر فقط، ولا يحق لأحد التدخل به، موضحاً أنه قام بتربيته على الأخلاق الجيّدة، والإخاء ومساعدة الآخر، سواء كان مسلماً أو مسيحياً".
وتساءل الفنان صوالحة، حول "الفارق بين المسلم والمسيحي" قائلاً "كل أصدقائي يعتنقون الإسلام، ولم أجد تمييزاً على أساس الديانة تجاهي في الأردن، لكنني وجدته في أوروبا". الفنان صوالحة واحد من أبرز نجوم الكوميديا في الأردن، اشتهر إلى جانب زميله الفنان هشام يانس بتقليد شخصيات الزعماء العرب من بينهم ياسر عرفات والعاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال وحافظ الأسد وأنور السادات.
موقف متسامح وعقلاني
وضجّت وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن بالكثير من التعليقات وردود الفعل على الحادثة التي لا تعتبر غريبة إذ يشهر عشرات الأردنيين المسيحين إسلامهم كل عام، لكن ما أثار الجدل هو موقف الفنان نبيل صوالحة المتسامح والعقلاني على حد تعبير الإعلامي الأردني لطفي الزعبي الذي علّق في تغريدة له على تويتر بالقول "إسلام عمر نبيل صوالحة بالنسبة إليّ ليس خبراً ولا حدثاً فهو ليس كدخول عمر بن الخطاب للإسلام لكن الحدث قيام الرجل العاقل المتسامح المنطقي من دون إثارة الصديق نبيل صوالحة باصطحاب ابنه إلى المحكة لإشهار إسلامه".
بينما دلّل آخرون على التعايش الديني في الأردن بقولهم إنهم لم يكونوا يعرفون بطبيعة الحال أن ديانة الفنان صوالحة هي المسيحية قبل ذلك، في حين اعتبر البعض أن صوالحة جسّد رسالة الفن الحقيقية وهي التعايش من خلال نجله.
المسيحيون في الأردن ملح الأرض
يتداول المسلمون في الأردن لفظاً محبباً إليهم حينما يريدون الحديث عن إخوتهم المسيحين فيصفونهم بأنهم "ملح الأرض"، في إشارة إلى جذورهم الضاربة في تاريخ الأردن على مر العصور.
تبلغ نسبة المسيحيين في الأُردن حوالي ستة في المئة من إجمالي عدد السكان، وتتراوح أعدادهم بين 174 ألفاً إلى 390 ألفاً، وتعود أصول العديد منهم إلى القبائل العربية القديمة كقبيلتَي الغساسنة ولخم، ويتركز المسيحيون في شمال الأردنّ وجنوبه، ولا سيّما في مدن: عمان، وإربد، ومأدبا، والكرك، والسلط، وعجلون، والفحيص، وماحص والزرقاء، وأغلبهم يتبعون كنيسة الروم الأرثوذكس، والبطريركية الأرثوذكسية في القدس، مع وجود بعض المجموعات المنتمية إلى الروم الكاثوليك، والسريان الأرثوذكس، والأقباط الأرثوذكس، وأتباع الكنيسة المعمدانيّة، والموارنة، وكلدان كاثوليك، والأرمن الأرثوذكس، والبروتستانت.
حقوق كاملة
يتمتّع المسيحيون في الأردن بحقوق مدنية ودينية كاملة، ويجري تمثيلهم سياسياً في شكل جيد إذ يحظون بتسعة مقاعد في البرلمان ويتبوأون أعلى المناصب في أجهزة الدولة كمنصب نائب رئيس الوزراء في الحكومة الحالية والذي يشغله الدكتور رجائي المعشر.
تعايش تاريخي
والأردن هي الدولة العربية الوحيدة التي زارها ثلاثة باباوات كاثوليك، هم بولس السادس ويوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر، تأكيداً لأهمية التعايش التاريخي بين المسيحيين والمسلمين في هذا البلد الذي يحوي بين جنباته العديد من المقدسات المسيحية أبرزها" المغطس" حيث تعمّد المسيح، فضلاً عن مواقع الحج المسيحي مثل جبل نيبو، مكاور، كنيسة سيدة الجبل في عنجرة، ومار الياس وغيرها من الأماكن.