ملخص
يتمدد السرطان بين العرب بوتيرة تنذر بالخطر وإصابات الثدي والرئة وعنق الرحم والقولون والمستقيم والبروستاتا الأكثر انتشاراً
في عام 2018، اكتشف العالم أقدم حالة معروفة لسرطان الثدي والنخاع الشوكي المتعدد. المرضى الأقدم في العالم هم أصحاب مومياوات في المقبرة الفرعونية في قبة الهواء في مدينة أسوان بصعيد مصر.
الباحثون في جامعتي غرناطة الإسبانية وأسوان المصرية اكتشفوا هذه الإصابات المصرية القديمة عبر الأشعة المقطعية لعظام مومياوتين. الأولى لأنثى توفيت متأثرة بسرطان الثدي قبل الميلاد بنحو ألفي عام. أمّا الثانية فلصبي توفي بعدها بنحو 200 عام متأثراً بسرطان النخاع الشوكي المتعدد، وهو ما يعني، بحسب فريق الباحثين، أن السرطان كان موجوداً في هذا الزمن، أي أنه متأصل في جسم الإنسان بصورة أو بأخرى، وهو اكتشاف يعود إلى ريادة المصريين القدماء في فنون التحنيط؟
الريادة عربية
ورغم أن الريادة صفة عظيمة، لكن ليت المنطقة العربية تخلت عنها في هذا الصدد، وهي ريادة لا تتعلق بأعداد المرضى بقدر ما تتعلق بفجوة الرعاية وتوقيتها وجودتها التي يحصل عليها المرضى، وأحياناً وجودها من عدمه. التوقعات تشير إلى أن العبء الأكبر الناجم عن زيادة الإصابة بالسرطان مع قدوم عام 2030 سيكون من نصيب منطقة شرق المتوسط التي تقع فيها غالبية الدول العربية.
نحو 1.6 مليون حالة سرطان في إقليم شرق المتوسط يحملون معهم عبئاً هائلاً يفرض ضغوطاً جسدية وعاطفية ومادية لا طاقة لملايين الأفراد والأسر بها. وكذلك الحال للرعاية الملطفة التي يحق لمريض السرطان في المراحل المتأخرة الحصول عليها، وهي الرعاية التي قلما توجد في أغلب الدول العربية، باستثناء الدول المرتفعة الدخل.
مكتب شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية "إمرو" يقدر عدد المرضى الذين يشخّصون بالسرطان كل عام بنحو 734 ألف شخص، ويتوقع أن يزيد الرقم بنحو 50 في المئة مع قدوم عام 2040. في منطقة شرق المتوسط وحدها، التي تقع فيها أغلب الدول العربية، يتسبب السرطان في وفاة نحو 459 ألف شخص سنوياً.
سرطان واحد وعوامل متفاوتة
وإذا كان مرض السرطان لا يفرّق بين سكان الكوكب في الاستهداف، فإن العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى تفاوتات في جهود وقدرات الوقاية والإصابة والعلاج والبقاء على قيد الحياة بأفضل شكل ممكن تفرق كثيراً بينهم. كذلك المعايير الثقافية والمساواة بين الجنسين ومستويات التعليم، وغيرها من عوامل التمييز القائمة على العمر والجنس والعرق والإعاقة وأسلوب الحياة جميعها يؤثر سلباً في البعض، وجزء كبير من هذا "البعض" يسكن المنطقة العربية.
في غالبية الدول العربية يجري تشخيص معظم حالات السرطان في مرحلة متأخرة، وتكون العلاجات حينئذ أقل فعالية، وهو ما يعني نتائج سيئة للمرضى. وبحسب "إمرو"، فإنه وعلى الرغم من التطورات الإيجابية التي جرت في بعض دول الإقليم، تظل الوقاية من السرطان ومكافحته في مرحلة "مبكرة جداً" من التطور والحاجة إلى مزيد من الجهد والمخصصات المالية كبيرة وماسة.
وتحدد "إمرو" المجالات الستة اللازمة للعمل على الوقاية والسيطرة على السرطان بـ: الحوكمة، والوقاية، والكشف المبكر والعلاج، وتوفير الرعاية التلطيفية في المراحل المتقدمة، والرصد والبحث.
الحقيقة العلمية المفزعة تشير إلى أن "السرطان بين العرب ينمو بوتيرة تنذر بالخطر"، حسبما أشارت دراسة منشورة على موقع "إمرو" عنوانها "ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في العالم العربي: حان وقت العمل" (2021). الارتفاع في دول شرق المتوسط ودول الخليج مثير للقلق.
وقائمة أنواع السرطان الأكثر انتشاراً عربياً، وإن لم تكن بالضرورة الأكثر تشخيصاً أو علاجاً، هي سرطان الثدي والرئة وعنق الرحم والقولون والمستقيم والبروستاتا.
مسببات السرطان متعددة، بين عوامل وراثية مسؤولة عن بين عشرة و30 في المئة من الإصابات، وعشرة و30 في المئة من أنواع السرطان، وقائمة طويلة من المسببات بعضها يختلف من منطقة إلى أخرى في العالم.
عربياً، المسببات الأكثر شيوعاً هي عوامل تتعلق بنمط الحياة، مثل التدخين وزيادة الاعتماد على وسائل المواصلات بديلاً عن المشي، وقلة ممارسة الرياضة، وتناول الأطعمة غير الصحية والسمنة، وطريقة استهلاك الكحول (وهو العامل الذي تفاقم بسبب الإجهاد العاطفي)، وتلوث الهواء والبيئة المحيطة. وهي عوامل باتت تتكالب على ملايين البيوت.
مصر... قصة في كل بيت
يكاد لا يخلو بيت في مصر من قصة مريض تعافى أو متعايش أو قضى بسبب السرطان. قسوة القصص والحكايات لا تقتصر على رحلة التشخيص والعلاج، وربما العجز عن الحصول على علاج، لكنها تمتد إلى قسوة التعامل مع المرض نفسه الذي يفتقد الأرقام والإحصاءات ومعدلات الإصابة التي تمكن البحوث العلمية والجهود العملية من إحداث الفرق في حياة مريض السرطان وأسرته من جهة، وكذلك في الوقاية والرصد والمتابعة.
وعلى الرغم من الطفرة الكبيرة والواضحة على صعيد الجهود الرسمية والأهلية لتأسيس مستشفيات متكاملة ومزودة بأحدث الوسائل والأجهزة التشخيصية والعلاجية في العقدين الماضيين، وعلى الرغم أيضاً من التغيير الإيجابي في الوعي الشعبي تجاه هذا المرض والتعامل معه، فإن افتقار الأرقام الدقيقة للإصابة على المستوى الوطني ما زالت عقبة رئيسة.
ولعل الدراسة التي أنجزها فريق مصري طبي عن معدلات الإصابة بالسرطان في مصر والمنشورة في "دورية علم الأوبئة السرطانية" (2014) تعكس حجم مشكلة غياب الأرقام. فرصد معدلات ونوعية الإصابة الوحيد الذي جرى إنجازه بشكل علمي جرى في منطقة واحدة هي محافظة الغربية في دلتا مصر، وذلك بعد ما ظلت عمليات الرصد معتمدة على سجلات المستشفيات والمراكز، التي لا يمكن الاعتماد عليها باعتبارها مؤشراً علمياً دقيقاً.
خرجت الدراسة بمؤشرات تفيد بأن معدلات الإصابة المعيارية تشير إلى 166 إصابة لكل مئة ألف مواطن، مع ارتفاع بسيط بين الذكور مقارنة بالإناث. أكثر أنواع السرطان شيوعاً هو الذي يصيب الكبد بنسبة 23.8 في المئة، يليه الثدي 15.4 في المئة، ثم المثانة 6.9 في المئة. ويتوقع أن تتضاعف الإصابة بنحو ثلاثة أضعاف مع قدوم عام 2050.
وقبل قدوم 2050 وتوقعاته بنسب مضاعفة، يشير واقع السرطان في مصر إلى كلفة فادحة لعلاج أي من أنواع السرطان الكثيرة. متوسط الكلفة السنوية لعلاج السرطان، التي تختلف صعوداً أو هبوطاً بحسب نوع المرض ومرحلته، تبلغ ما يعادل 42 ألف دولار سنوياً، وقد تصل إلى مليون دولار سنوياً في بعض الحالات. (متوسط عالمي) وبحسب أحدث إحصاء رسمي في مصر، فقد بلغ عدد مرضى السرطان الذين يتلقون العلاج على نفقة الدولة 324 ألفاً و949 مريضاً.
الأمراض غير السارية تتسبب في 85 في المئة من الوفيات في مصر. وبحسب دراسة عنوانها "السيطرة على السرطان في مصر: الاستثمار في الصحة" (2021)، فإن أمراض السرطان المختلفة تتسبب في 14 في المئة من الوفيات في مصر محتلة بذلك المرتبة الثانية في مسببات الوفاة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية (46 في المئة).
جهود حكومية وعمل أهلي
وزارة الصحة والسكان المصرية اعتمدت شبكة قومية للأورام عبر "البرنامج القومي لمواجهة السرطان"، التي تضم 49 فرعاً في شتى المحافظات، منها ثمانية مراكز لعلاج الأورام و15 مستشفى كبرى. ويعد هذا البرنامج نقطة انطلاق بناء قاعدة بيانات للاكتشاف المبكر للسرطان وإعداد أطلس جغرافي له.
وكانت الجغرافيا من أبرز العراقيل في طريق حصول مريض السرطان على الخدمات التشخيصية والعلاجية اللازمة. فمريض السرطان في الصعيد كان أقل حظاً من قرينه في القاهرة أو الإسكندرية في الحصول على الرعاية اللازمة، وذلك لتركز الخدمات في العاصمة والمدن الكبرى. وفي الأعوام القليلة الماضية، نشطت الجهود الأهلية، بمساعدة الدولة ودعمها، في توسيع قاعدة تقديم الخدمات لمرضى السرطان في الأماكن المحرومة.
ومن أبرز الجهود التي خرجت فعلياً إلى النور وتقدم خدماتها لفئة عريضة في صعيد مصر "مستشفى شفاء الأورمان"، التي جرى تأسيسها في عام 2014، وتعمل تحت شعار "صعيد بلا سرطان". المستشفى مقرها مدينة الأقصر، وتعتمد على التبرعات بشكل رئيسي.
وبعد عقود من اضطرار مرضى السرطان للسفر إلى القاهرة بغرض التشخيص والعلاج، أو الاضطرار إلى البقاء في مدنهم وقراهم انتظاراً لأقدارهم نظراً لصعوبة أو استحالة السفر والإقامة لأسباب مادية بحتة، أصبح المستشفى هو الأكبر في صعيد مصر، ويقدم خدماتها للمحافظات الجنوبية وهي سوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والوادي الجديد.
ضلوع العمل الأهلي وجمعياته في مجال السرطان في مصر دعم وساند وساهم على مر ما يزيد على 15 عاماً. نقطة البداية الكبرى كانت مع "مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال مصر" والتي باتت تعرف بـ"مستشفى 57357" (وهو رقم الحساب البنكي الذي يتلقى التبرعات).
المستشفى يعرفها الجميع، إن لم يكن عبر التعامل المباشر، فعبر التبرع، وإن لم يكن هذا أو ذاك فبمتابعة آلاف قصص النجاح والألم والمتابعة والتوسع. المستشفى "أنشأها الشعب المصري وأصدقائها من العالم العربي" كما تعرف نفسها. وهي تقدم الرعاية الكاملة للأطفال من مرضى السرطان مجاناً وبعدالة كاملة، حيث لا مجال للتدخل عبر الوساطات أو التفرقة بين مريض وآخر بناء على أسرته أو علاقاته.
لكن "57357" كغيرها من المستشفيات القائمة على التبرعات تعاني كثيراً بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة الحالية، وانعكاساتها المتمثلة في انخفاض التبرعات، بنسبة يقدرها عميد المعهد القومي للأورام محمد عبد المعطي بنحو 50 في المئة. ويضيف إلى الانخفاض الحاد في معدلات التبرع، زيادة أسعار الأدوية والمعدات اللازمة لعلاج مرضى السرطان، ليصبح الأثر مضاعفاً.
وبحسب تصريحات صحافية لعبد المعطي، يتردد على المعهد القومي للأورام نحو 300 ألف مريض سنوياً، ويعالج نحو 30 ألفاً سنوياً للمرة الأولى بمتوسط تكلفة تتراوح بين 50 ألفاً و200 ألف جنيه مصري للمريض الواحد. ورغم أن المعهد القومي للأورام في القاهرة يتبع جامعة القاهرة، فإن يعتمد على التبرعات كإحدى مصادر التمويل الرئيسة، وهو المصدر المتأثر سلباً هذه الآونة.
السعودية... المنطقة الجنوبية تتصدر
وفي السعودية كشفت ورقة بحثية قام بها أكثر من 120 مختصاً نشرت عام 2022 عن أن المنطقة الجنوبية في البلاد هي المنطقة الأكثر إصابة بمرض السرطان على مدى عقدين من الزمن، إذ شكلت ما يقارب 13 في المئة بشكل شبه ثابت من معدل الإصابة بمرض السرطان في السعودية.
وتشير الورقة البحثية التي أعلن عنها في ملتقى الأبحاث الصحية بجامعة الملك خالد، إلى أن مدينة عسير تتصدر قائمة المصابين بالسرطان بـ12232 مصاباً تليها مدن جنوبية أخرى منها جازان والباحة ونجران. وكشف البحث عن أن أكثر أنواع السرطان انتشاراً في المنطقة الجنوبية هو سرطان الثدي، يليه القولون وسرطان الغدد والدم.
وتمت الإشارة إلى أن أبرز عوامل الإصابة بالسرطان هي تقدم العمر والسمنة والتعرض للإشعاعات والتدخين والالتهابات المزمنة، فيما يعد الأكثر تعرضاً للإصابة به هم كبار السن والأشخاص أصحاب التاريخ العائلي الوراثي.
ويقول استشاري الأورام الباطنية في جامعة الملك خالد عبد الرحمن اللغبي إنه من المتوقع أن يزداد عدد الأشخاص الذين يعيشون في السعودية من 33.5 مليون في عام 2018 إلى 39.5 مليون بحلول منتصف عام 2030 من بينهم قرابة خمسة ملايين من كبار السن.
ويشير إلى أنه من المتوقع أن يكون هناك نحو 151719 حالة سرطان جديدة و30718 حالة وفاة بسبب السرطان في السعودية بحلول عام 2025.
ويضيف اللغبي أن الأنواع الأكثر شيوعاً من السرطان في السعودية هي سرطان الثدي والأمعاء والغدة الدرقية. أما السرطانات الأكثر بين الإناث السعوديات فهي سرطان الثدي والغدة الدرقية وسرطان القولون. أما السرطانات المنتشرة بين الذكور السعوديين فهي سرطان المستقيم والقولون واللمفوما وسرطان البروستاتا.
ويشير المتخصص بأمراض السمنة والجراحة العامة عبدالله البراك إلى أن السمنة هي مرض العصر، ويجب التعامل معها كمرض وليس كمظهر.
ويؤكد أن للسمنة مضاعفات متعددة من ضمنها رفع احتمالية الإصابة بأورام عدة في الجسم، مثل أورام القولون والمستقيم وأورام الرحم والمبايض وأورام الثدي عند كبار السن والمرارة وأعلى المعدة والكلى وغيرها.
ويعود السبب في ذلك إلى تأثير السمنة في الهرمونات في الجسم، إضافة إلى حالة الالتهاب المزمن الحاصل في الجسم بسبب السمنة.
ويشير البراك إلى أنه تم عمل دراسة حول العلاقة بين السمنة وهذه الأمراض على مستوى شرائح كبيرة من الناس، وتبين وجود اختلاف عند من يعاني السمنة، وتحسن في معدلات احتمالية حدوث الأورام عند من يتخلص من السمنة.
مبادرات وطنية
وتعمل وزارة الصحة السعودية على مبادرات اجتماعية وصحية عدة لخفض معدلات السمنة في المجتمع، منها مبادرة "الرشاقة" التي تم تدشينها عام 2017 بالتعاون مع وزارة التعليم. وتستهدف فيها طلاب وطالبات المدارس على مستوى مناطق السعودية ولجميع المراحل الدراسية، والهدف منها خفض معدلات انتشار السمنة لدى الأطفال واليافعين في السن المدرسية.
وفي المجال العلاجي، أطلقت وزارة الصحة العام الماضي بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" النموذج الأولي لبرنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
وقد أفاد مساعد وزير الصحة محمد العبدالعالي في الجلسة الحوارية التي عقدت بعنوان "تصور النظام البيئي لاعتماد الذكاء الاصطناعي" خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية بمدينة الرياض "أن البرنامج سيعمل على تحسين جودة التشخيص ورفع مستوى دقته وزيادة كفاءة الأطباء، مما سيؤدي إلى زيادة عدد الفحوصات للشريحة المستهدفة وفرص اكتشاف المرض في مراحل مبكرة، مما سيسهم في الشفاء والتعافي التام بنسبة كبيرة".
ويشير اللغبي إلى "أن القطاع الصحي في السعودية يعمل ضمن مبادرة تحول القطاع الصحي كجزء من رؤية 2030، والهدف من هذا البرنامج هو إعادة هيكلة ودمج القطاع الصحي للمواطنين والمقيمين والزوار، ويهدف إلى تعزيز جودة وشفافية الخدمات الصحية وتعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض من خلال خدمات الصحة الإلكترونية والحلول الرقمية".
ويعمل عدد من الجمعيات الخيرية في السعودية للتوعية بالسرطان والعلاج والعناية بذوي المصابين، منها جمعية مكافحة السرطان التي أعلنت في تقريرها الأخير عن تقديم 24059 خدمة لمرضى السرطان في عام 2022.
الأردن... العلاج للأغنياء فقط
الحرب ضد السرطان في الأردن منهكة. وتجد السلطات نفسها في صراع دائم مع الوقت والمخصصات المالية أمام تزايد الحالات بوتيرة مقلقة تتراوح بين خمسة وعشرة في المئة سنوياً.
الإحصاءات الحديثة تشير إلى أن معدلات الإصابة بأمراض السرطان تزداد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، فيما يعتبر هذا المرض السبب الثاني للوفيات في البلاد.
في تلك الأثناء، يعيش معظم مرضى السرطان في الأردن واقعاً مؤلماً مع اتساع رقعة الانتشار حيث يقبع المئات منهم شهرياً على قوائم الانتظار للحصول على علاج، وهو أحد أكبر التحديات في الأردن الذي يشهد تشخيص 20 ألف حالة سنوياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من بين أكثر أنواع السرطان شيوعاً في الأردن تلك التي تصيب الثدي والقولون والمستقيم والرئة والبروستاتا والدماغ. وتسهم عوامل عدة بين وراثية وبيئية ونمط حياة غير صحي في زيادة معدلات الإصابة.
يقول مراقبون ومختصون إن التلوث البيئي واحد من بين العوامل التي قد تؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بأمراض السرطان في الأردن، إضافة إلى تعرض الأفراد للأشعة الشمسية بشكل مفرط، وكذلك للمواد الكيميائية الضارة، وتناول المواد الغذائية ذات السعرات الحرارية العالية والدهون والمواد الحافظة، فضلاً عن التدخين وعدم ممارسة النشاط البدني بشكل منتظم.
وفقاً لوزارة الصحة الأردنية كان السرطان وراء 19.8 في المئة من الوفيات للعام 2018 بواقع 3184 حالة وفاة. ويتربع سرطان الثدي على قائمة أنواع السرطان بنسبة 39 في المئة من مجموع أنواع السرطانات المشخصة لدى النساء. ويشكل سرطان القولون والمستقيم 13 في المئة من مجموع إصابات السرطان عند الرجال.
وثمة نحو 99 حالة سرطان لكل 100 ألف من سكان الأردن، أما متوسط العمر عند تشخيص السرطان عند الجنسين فهو 56 عاماً.
والسرطان الأكثر شيوعاً بين الأطفال هو سرطان الدم. ووفقاً لمركز الحسين للسرطان فإن الزيادة في حالات السرطان في الأردن تتماشى مع السياق الموضوعي للتغيرات المجتمعية من حيث زيادة عدد السكان ومتوسط الأعمار والتغيير بنمط الحياة وشيوع الاعتماد على الأطعمة السريعة وزيادة نسب السمنة.
علاج أم وقاية؟
تحاول الحكومة الأردنية الحد من انتشار السرطان عبر تنفيذ عدد من البرامج والمبادرات التوعوية والوقائية، إضافة إلى توفير حد أدنى من الرعاية الصحية اللازمة للمرضى، لكن يبدو أن وتيرة المرض أسرع من كل الجهود المبذولة، وهو ما دفع السلطات للتوجه إلى تحسين بيئة العمل والحد من التلوث البيئي، بموازاة توفير العلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة.
إلى جانب تحسين بيئة العمل، تعمل الحكومة الأردنية على توفير برامج توعوية للمجتمع، وذلك عن طريق الإعلام والتثقيف الصحي والتوعية بأساليب الحياة الصحية والوقاية من السرطان، كما تولي أهمية لدعم البحث العلمي في مجال السرطان والأمراض المرتبطة به، وتشجع الابتكار وتقنيات العلاج الجديدة، وتعقد شراكات دولية مع منظمات دولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنظمة العالمية للصحة، وتستفيد من تجارب الدول الأخرى في مجال مكافحة السرطان.
على الصعيد المحلي تنشط عديد من المنظمات الخيرية والجمعيات التي تعمل في الأردن على دعم مرضى السرطان وتوفير المساعدات اللازمة لهم، مثل جمعية السرطان الأردنية وجمعية أطفال السرطان الأردنية ومؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية.
كما تشارك في عديد من المبادرات الدولية لمكافحة السرطان، مثل المبادرة العالمية للحد من أمراض السرطان.
وتقدم خدمات العلاج والرعاية التلطيفية في الأردن لمرضى السرطان عبر عدة مراكز علاجية متخصصة أبرزها وأكثرها شهرة مركز الحسين للسرطان الذي يعد المركز الأول في العالم العربي الحاصل على اعتماد اللجنة المشتركة الدولية كمركز مختص في علاج السرطان بصورة محددة، ومستشفى الجامعة الأردنية، وهما مزودان بالتجهيزات الحديثة والأجهزة الطبية عالية التقنية التي تتيح تشخيص السرطان في مراحله المبكرة، مثل الأجهزة المتطورة للتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) والتصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) والتصوير بالأشعة المقطعية (CT Scan).
لكن لا يشمل علاج السرطان في الأردن الجميع، وهو ما دفع مراقبين في السنوات الأخيرة إلى توجيه نقد للحكومة، واعتبار أن علاج هذا المرض أصبح للمقتدرين والأغنياء فقط.
ويدعم عدد من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الخاصة مرضى السرطان، وتوفير المساعدات اللازمة لهم، كما توفر الحكومة بعض الإعفاءات لحالات خاصة، بينما يرزح قسم كبير من المرضى تحت المعاناة وعدم القدرة على تحمل التكلفة الباهظة لمواجهة أشرس مرض عرفه البشر.
تقول إدارة مركز الحسين للسرطان إنها جهة غير ربحية، لكنها لا تقدم العلاج بشكل مجاني. فالمنظمة غير الربحية ليست لديها أرباح توزع على المالكين والمساهمين. ومن المعروف على مستوى العالم أن علاج السرطان مكلف جداً، لذا يعتمد المركز على تبرعات الداعمين لكي يتم تغطية علاج المرضى غير المقتدرين ممّن لا توجد أي جهة تغطي تكاليف علاجهم.
لكن جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، أثرت في رعاية مرضى السرطان في الأردن بشكل كبير، بخاصة مع تراجع الدعم المالي، الذي كانت تقدمه بعض المؤسسات والجمعيات الخيرية.
يغطي الديوان الملكي الأردني علاج كثير من مرضى السرطان الأردنيين في مختلف المستشفيات الحكومية، بينما يقدم المركز اشتراكاً تأمينياً يضمن تأمين علاج حصرياً في مركز الحسين للسرطان في حالة الإصابة مستقبلاً بالمرض، مقابل اشتراك سنوي ووفق فئات تغطية وسقف محدد يصل إلى 70 ألف دولار.
في المقابل ثمة مبادرات تهدف لتوفير العلاج لمرضى السرطان بأسعار معقولة وتخفيف أعباء تكاليف العلاج عنهم. مثل برنامج "تشغيل الأردن" الذي يعمل على توظيف المرضى المتعافين من السرطان في مشاريع تنموية، إضافة إلى تقديم الدعم المادي والعلاجي للمرضى المحتاجين.
سوريا... مستشفى وحيد لكل المرضى
ووفق الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر في سبتمبر (أيلول) عام 2018، تحتل سوريا المركز الخامس من بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بأمراض السرطان، قياساً بعدد السكان الذي يعادل تقريباً 17.500 مليون نسمة وفق إحصائية رسمية أجريت عام 2020.
تقول إحصائية إن 196 شخصاً من بين كل 100 ألف سوري مصابون بالسرطان، بينما قد يصل عدد حالات الوفاة إلى 105 من أصل 100 ألف سوري.
ويوجد في سوريا كلها مستشفى وحيد متخصص في علاج الأورام السرطانية، يتجمع فيه معظم أطباء الأورام، ويستقبل مستشفى البيروني في دمشق نحو ألف إصابة جديدة بالسرطان شهرياً، بينما بلغ عدد المرضى الجدد خلال عام 2022، 10300 مريض.
ويقدم المستشفى الخدمات التشخيصية والعلاجية والمتابعة للحالات الورمية بشكل شبه مجاني لجميع السوريين، إضافة إلى الخدمات التعليمية في تدريب الكوادر الطبية والتمريضية.
كما يستقبل المستشفى نحو 70 في المئة من مرضى الأورام في سوريا، بما يعادل نحو 13 ألف حالة جديدة في العام، وتزداد هذه النسبة بين 15 و20 في المئة كل عام، إضافة إلى ذلك، وينفرد المستشفى بوجود مركز بحثي علمي يُعنى بدراسة الأورام في سوريا، ويجري كل عام عدداً من البحوث العلمية بتخصصات مختلفة يقدمها أطباء الدراسات العليا والأطباء الاختصاصيين في المستشفى عن طريق قسم الأورام التابع لجامعة دمشق.
من خلال الاطلاع على معدلات كلية الطب البشري في جامعات سوريا، يلاحظ تدني معدل تخصص الأورام، وذلك لعدم إقبال طلاب الطب في سوريا على دراسته، إذ لا يستطيع مستشفى وحيد أن يداوي دولة كاملة بمساحة كبيرة كسوريا، وبعدد يصل حد الـ17 مليون نسمة، بخاصة مع تزايد أعداد المصابين بالسرطان وندرة المستشفيات المتخصصة بالأورام وقلة عدد الأطباء المتخصصين في هذا المجال.
ففي عام 2010، بلغ عدد أطباء الأورام في سوريا 180 طبيباً، في حين أن عددهم انخفض عام 2021 وأصبح يقارب 160 طبيباً، ومنهم 80 طبيباً في مشفى البيروني في دمشق لوحده، وهذا الرقم إلى تناقص، فحتى لو اختار الطلاب أن يتخصصوا في هذا المجال فإنهم يغادرون البلاد فور تخرجهم.
وهذا ينعكس على عدم قدرة البلاد على استيعاب المرضى، بالتالي فإن التشخيص والعلاج يدخل في خانة الانتظار والروتين في حين أن خطورة المرض تستدعي العلاج السريع باعتبار أن التريث عدو أساسي في هذه الحالات، ففي عام 2021 صدرت إحصائية في سوريا بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ذكرت أن عدد الحالات الجديدة بلغ 17 ألف حالة مريض سرطان.
رحلة شاقة
وفور تشخيص إصابة أحدهم بمرض السرطان، فإن أول فكرة تتبادر إلى الأذهان رحلة العلاج الطويلة والمؤلمة، فتتوالى عبارات الأسف وخيبات الأمل وهذا يقع في خانة الضغط النفسي المباشر على أهل المريض وعلى المريض نفسه.
فرحلة العلاج تسبقها فترة ترقب في انتظار الفحوص المخبرية كافة لتحديد نوع المرض ومكانه وما إلى هنالك، وتحديد نوع العلاج المتبع وهنا لا خيار أمام العائلات إلا مستشفى البيروني الذي لا يملك القدرة على استيعاب مرضى جدد، ناهيك عن عدد الأطباء الضئيل.
وإن حالف المريض الحظ واستطاع الحصول على علاج في هذا المستشفى أو غيره مما ندر، فإن المرضى سيصطدمون بواقعٍ جديد، فما كان قبل سنوات الحرب مجانياً أصبح اليوم مكلفاً، إذ يثقل هذا المرض كاهل الدولة مع تدني سعر الليرة السورية أمام عملة الدولار، إضافة للعقوبات التي فرضت على سوريا، التي على رغم استثناء الشق الطبي منها، وقفت حائلاً في وجه المعاملات المصرفية التي عرقلت عملية التبادل.
وما يفاقم الأزمة حالة الفساد المستشري، إذ قد تصل الحال ببعض المتنفذين لمنع العلاج عن كثيرين والإشاعة بانقطاعه لبيعه في مكان آخر بأسعار مرتفعة جداً، مستغلين بذلك حاجة المرضى لخيط أمل في حياتهم، كما أن هناك بعض المسؤولين الرسميين يقولون إن معظم الأدوية السرطانية قد تتواجد بنسبة معينة، ولكن وزارة الصحة تؤكد تدوير الأدوية بين الجهات والمحافظات الأخرى حرصاً منها على أن تصل إلى أكبر عدد من المرضى وعدم فقدانها (نتيجة العقوبات والحصار).
اكتشاف بالصدفة وعلاج مكلف
وفي حالات كثيرة يطلب الأطباء من المرضى أو ذويهم تأمين الدواء من أي مكان بخاصة الأجنبي، فهناك صيدليات قادرة على تأمينه من دول الجوار بخاصة لبنان، وعلى رغم ارتفاع سعره يبقى أفضل من الأدوية المنتجة محلياً، إذ يوجد معمل واحد في سوريا ينتج أدوية خاصة بالسرطان، لكنه بحسب شهادة بعض المرضى، غير فعال ولا ينصح به الأطباء لقلة فعاليته، أما في ما يخص الاستيراد، فهناك جهة واحدة مسؤولة عن استيراد الأدوية لمرضى السرطان وهي تستورد 30 في المئة من مصدر عالمي، والباقي تحصل عليه من إيران وروسيا، وحتى في هذا الاستيراد يراعى معيار التكلفة، لذلك فقد يدخل إلى البلاد دواء بسعر أقل وبفائدة أقل.
إن معظم السوريين الذين بدأوا علاجاً مبكراً للمرض، اكتشفوه بالصدفة خلال قيامهم بفحوصات لأمراض أخرى، بسبب عدم وجود فحوصات دورية في المستشفيات والمستوصفات السورية، ولكن غالبية المرضى يكتشفون مرضهم بشكل متأخر، أي حين تتدهور حالتهم الصحية، ما يجعل معظمهم بحاجة ماسة إلى علاج مكثف وسريعٍ لمحاربة المرض، لكن العلاج مكلف جداً ويصل سعر الجرعة الواحدة إلى 250 دولاراً أميركياً أي ما يعادل مليونين ليرة سورية، إضافة إلى تكبد المرضى عناء السفر من محافظات بعيدة إلى العاصمة دمشق وهو عبء إضافي يثقل كاهل المريض، وهذا باختصار واقع القطاع الطبي في سوريا، فإن وجد المستشفى فُقد الدواء، وإن وجد الدواء فهو مكلف، وإلا فلا خيار سوى المستشفيات الخاصة التي تفوق تكلفتها قدرة أغلبية المصابين.
ويلاحظ أن سرطان الرئة والبروستات عند الرجال، وسرطان الثدي عند النساء، يتصدران قائمة الأورام التي يعاني منها مرضى السرطان في سوريا، تبعاً لتقارير وزارة الصحة السورية.
العراق... ضريبة الحرب تزيد وطأة المرض
وضع مشابه لدرجة التطابق في العراق، حيث يحتل السرطان المركز الثاني (بنسبة 11 في المئة) في الأمراض المسببة للوفاة. وتمثل الأمراض غير السارية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانات والسكري وأمراض الرئة المزمنة 55 في المئة من أسباب الوفاة في العراق.
تقول مديرة شعبة الوقاية والكشف المبكر عن السرطان ومديرة شعبة التسجيل السرطاني في مجلس السرطان في وزارة الصحة سرى ياسين عبد إن في العراق 34 مركزاً لمعالجة الأورام السرطانية تقدم مختلف الخدمات التشخيصية والعلاجية.
وتشير إلى أن سرطان الثدي يشكل النسبة الأعلى بمعدل ثلث الحالات المسجلة بنسبة 35 في المئة، يليه سرطان الرئة وتتبعها أنواع السرطان التي تصيب القولون والبروستات والدم والجهاز العصبي والغدة الدرقية.
وتقول عبد لا توجد دراسات وافية أسباب السرطان في أنحاء العراق تغطي كل المناطق والفئات والطبقات، كما لا توجد بحوث تتعلق بالوضع في كل محافظة. ورغم ذلك، فيمكن استخلاص مؤشرات عامة، "لا يمكن إغفال ما تعرض له العراق من حروب شهدت استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة المسببة للتلوث. كما يجب أخذ في الاعتبار عامل الانبعاثات الغازية، وأسلوب الحياة الجديد حيث الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، وقلة ساعات النوم والأكل غير الصحي والتأثير النفسي، بسبب الأجواء المشحونة سياسياً وأمنياً، وجميعها عوامل قد تكون من مسببات الإصابة".
وعلى الرغم من رصد زيادة الحالات، فإن هذه المعدلات متوافقة مع المعدلات العالمية التي هي في زيادة مستمرة، حيث لم يتجاوز العراق بعد الخطوط الحمراء.
ويعتمد العراق في الرصد الإحصائي الورقي الطريقة القديمة التي جرى اعتمادها في أول تقرير للرصد السرطاني في العام 1976.
وتوضح سرى ياسين عبد أن المجلس الأعلى للسرطان هو الجهة المركزية المسؤولة عن تجميع البيانات لغرض إعداد التقرير السنوي عن المرضى في العراق. فكل مريض يلجأ إلى المراكز المتخصصة لعلاج السرطان يجري تسجيله عبر استمارة خاصة معتمدة من قبل الوكالة الدولية لبحوث السرطان.
لكن تستغرق عملية التسجيل والتوثيق فترة طويلة لحين اكتمال الفحوص الخاصة بالمرض. وتشير إلى مشكلة الوعي بحقيقة المرض واعتقاد البعض أنه وصمة، وهو ما يجعل البعض متردداً في تزويد الجهات المختصة بالمعلومات كاملة، وهو ما يؤثر سلباً في دقة الإحصاءات وعملية الرصد برمتها.
كما يلجأ البعض إلى أكثر من مؤسسة صحية بحثاً عن رأي ثان في التشخيص والعلاج، وهو ما يؤدي إلى تكرار التسجيل وعدم دقة الإحصاءات النهائية.
ووزارة الصحة هي الجهة الوحيدة في العراق الداعمة لمريض السرطان، وهي المسؤول الوحيد عن توفير العلاج بكل أنواعه، وهو ما يثقل كاهل الوزارة، لا سيما مع قلة المخصصات المالية التي تعاني منها.
وهناك حاجة ماسة لتطوير البنى التحتية للمؤسسات الصحية، وهي الخطوة الضرورية من أجل الوصول إلى غاية الإحصاء الرقمي.
فسحة أمل رغم الصعوبات
ورغم الصعاب، فإن عبد تؤكد أن وزارة الصحة من خلال مؤسساتها الصحية تقدم خدماتها بقصارى جهدها لمريض السرطان بنسبة 70 في المئة. مشيرة إلى أن القصور لا يكون عادة من قبل الوزارة أو العاملين في القطاع الصحي، بل غياب الدعم من الجهات الأخرى.
كما تعاود الإشارة إلى انعدام الاستقرار السياسي الذي جعل العراق بيئة غير جاذبة للمنظمات الدولية التي ترغب في مد يد العون إليه في مجال علاج والكشف عن الأمراض السرطانية.
وهناك محاولات مستمرة لتغطية تكلفة الأدوية والعلاجات باهظة التكلفة، كما أن صيانة هذه الأجهزة يتم من خلال الميزانية التشغيلية للوزارة، وهذا يؤدي إلى استنزاف ميزانية الوزارة، إلا أن العلاجات الحديثة من أدوية وأجهزة من الجيل الجديد أسعارها بالغة الارتفاع.
ويضاف إلى قائمة المشكلات بطء آلية الحصول على العلاج بعد التشخيص. وتقول عبد "يعتمد الحصول على الأدوية المعالجة للسرطان على الهيئة العليا لانتقاء الأدوية الوطنية، وتعمل تحت مظلة وزارة الصحة ومهمتها تقييم العلاجات الأكثر نفعاً للمريض، ثم يجري التعاقد مع الشركات المختصة لتوريد الأدوية، وهو أسلوب تعاقد بطيء، ويؤدي ذلك إلى تأخر وصول العلاج للمريض".
ومنذ عام 2003، بقيت وزارة الصحة ومؤسساتها بعيدة عن الأولويات الاستراتيجية للحكومات العراقية المتعاقبة. ولم تلب التخصيصات الممنوحة لقطاع الصحة احتياجات الناس. فعلى سبيل المثال منح قطاعي الصحة والبيئة (6 تريليونات دينار) في موازنة العام 2019 أي بنسبة لا تتجاوز 4.5 في المئة من الموازنة فقط، وهي نسبة متدنية مقارنة بموازنات دول الجوار، لذلك استمر القطاع الصحي يعاني النقص في الخدمات المقدمة.
مرضى اللوكيميا ووزارة الصحة
يحمل رئيس "جمعية رعاية مرضى اللوكيميا" في العراق محمد كاظم جعفر كثيراً من الذكريات المؤلمة لمعاناته مع مرض اللوكيميا النخاعية المزمنة المصاب بها منذ 2007. يتحدث عن انتكاسات صحية عديدة بسبب ما يصفه بـ"السياسات الصحية الخاطئة لوزارة الصحة، من ضمنها تبديل العلاجات من الجيدة إلى الرديئة". ويشير إلى علاجات مستوردة أدى بعضها إلى تدهور في حالات مرضية في عام 2008".
"جمعية رعاية مرضى اللوكيميا" في العراق، التي تأسست في العام 2011 تهدف إلى الضغط على وزارة الصحة لتوفير العلاج من مصادر عالمية رصينة، وهو ما قامت به من خلال سلسلة من التظاهرات في محاولة منها للضغط على الحكومة لتحسين الخدمات الصحية المقدمة لمرضى السرطان.
يقول: "من ضمن ما يقلقنا كثيراً تغيير الأدوية المعالجة المخصصة لمرضى السرطان. فمثلاً العلاج المخصص لمرضى لوكيميا الدم سينفد في بداية يوليو (تموز) من هذا العام، وسيتم تزويدنا بعدها بالأدوية التي قيل عنها أنها صناعة عراقية مع أن الكل يعلم عدم وجود صناعة عراقية لأدوية السرطان".
ويضيف أن مرضى اللوكيميا تكلفوا أموالاً طائلة بسبب الحاجة المستمرة لإجراء تحاليل وفحوص الدم والكثير منها غير متاح في المستشفيات الحكومية. وتصل كلفة بعض التحاليل إلى 250 دولاراً للتحليل الواحد.
يؤكد مدير مستقى الأورام التعليمي في مدينة الطب وئام عبد الفتاح صالح أن هناك تطوراً كبيراً على صعيد التعامل مع السرطان، وإن كان دون مستوى الطموح. ويشير إلى أهمية الفحوص المبكرة للكشف المبكر عن السرطان. مضيفاً أن المستشفيات بدأت تستدعي الفئات المستهدفة لهذا الغرض. فمثلاً تتم دعوة النساء المتراوحة أعمارهن بين 40 و60 عاماً للخضوع للكشف المبكر عن سرطان الثدي. كما تتم دعوة العاملين في حقول النقل المعرضين للمواد الكيمائية للكشف المبكر عن سرطان الرئة. ويشار إلى أن الكشف المبكر يوفر كثيراً من المال، إضافة إلى ارتفاع فرص المريض في العلاج والتعافي.
ولأن الخارطة الجينية قادرة على كشف الأنماط، فإن العراق مقبل على دراسة بحثية للخروج بخارطة جينية يتم البدء فيها خلال السنوات المقبلة.
لبنان... قبل الأزمة ليس كبعدها
وبين هجرة الأطباء والممرضين، وانقطاع الدواء، والوضع المعيشي المتردي، وارتفاع تكاليف المعاينات الطبية والفحوص، والضغوط المتزايدة على قطاع الاستشفاء، يبدو المشهد في لبنان اليوم مختلفاً. أما ارتفاع معدلات انتشار المرض فمتوقع، خلال سنوات من اليوم، بعد أن تظهر تداعيات الواقع الحالي. عوامل عديدة تنذر بالأسوأ للأجيال المقبلة نتيجة الواقع المتردي حالياً، ما لم يتم التدخل لتصحيح مسار الأمور.
يبدو وكأن لبنان يشهد حالياً ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات انتشار السرطان، وإن كانت الأرقام غير متوافرة. لكن الطبيب الاختصاصي في أمراض الدم والأورام مروان غصن يقول إن دراسة أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت قبل عشر سنوات، توقعت الارتفاع الحالي في معدلات انتشار المرض.
يشار إلى أن معدلات الإصابة بالسرطان ارتفعت على المستوى العالمي، وليس في لبنان بشكل خاص. على رأس قائمة الأسباب التي أسهمت في هذا الارتفاع، يضع غصن الزيادة في متوسط العمر كسبب رئيس لا يُستهان بأهميته، فمع التقدم بالسن يزيد خطر الإصابة بالسرطان عامة. أما نمط الحياة والتلوث والتوتر والتدخين والسمنة، وغيرها من العوامل فتزيد أيضاً خطر الإصابة بالسرطان، ويمكن الوقاية من المرض من خلالها، وإن كان هذا لا يلغي الخطر بشكل تام.
في الدول المتقدمة، تزيد معدلات انتشار المرض بسبب ارتفاع متوسط العمر. ففي لبنان، متوسط عمر الإنسان نحو 76 سنة، فيما يمكن أن يبلغ 88 سنة في الدول المتقدمة. وفي دول في طور النمو، متوسط عمر الإنسان هو في مرتبة أدنى بعد من لبنان. لذلك، لبنان في موقع وسطي لجهة معدلات انتشار السرطان، بين الدول المتقدمة وتلك التي في طور النمو.
وفي الدول المتقدمة تُسجّل نحو 400 إصابة جديدة بالسرطان لكل 100 ألف نسمة، وفي الدول التي في طور النمو تُسجل نحو 150 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة. أما في لبنان، فتشير الأرقام إلى نحو 250 ألف حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة، أي 14 ألف حالة جديدة تقريباً من السرطان سنوياً. إلا أن هذه الأرقام تعود إلى عام 2018، بحسب غصن، ولا تتوافر إحصاءات جديدة بسبب الأزمة وكورونا وبوجود النازحين.
وتبدو أنواع السرطان الأكثر انتشاراً في لبنان مشابهة لتلك التي تنتشر أكثر في الدول المتقدمة، كسرطانات الرئة والبروستات والثدي والقولون والمعدة. وفي الدول التي في طور النمو تنخفض مثلاً معدلات الإصابة بسرطان البروستات، وتزيد فيها معدلات الإصابة بسرطاني الكبد والرئة.
لكن لأسباب لم تتضح بعد، ترتفع معدلات الإصابة بسرطان المثانة بشكل ملحوظ في لبنان، بالمقارنة مع الدول الأخرى كافة. ولم تتضح الأسباب الفعلية وراء ذلك، فيما اعتبرت دراسات أنها ناتجة عن استخدام المبيدات الكيماوية، وأخرى اعتبرتها ناتجة عن العامل الجيني وأخرى رجّحت أن السبب قد يكون في الماء.
أما معدلات انتشار سرطان الرئة في لبنان، وبعكس ما يعتقد كثيرون، فهي بالمستويات نفسها التي في الدول المتقدمة، خصوصاً أن معدلات التدخين مرتفعة في هذه الدول كافة، تماماً كما في لبنان وترتفع أكثر بعد في الدول التي في طور النمو. إنما، لا ينكر غصن وجود ارتفاع ملحوظ في معدلات التدخين في لبنان حالياً، ما يهدد بارتفاع أكبر معدلات الإصابة بسرطان الرئة، خصوصاً أن الزيادة الملحوظة في التدخين عامة، وفي تدخين النرجيلة بشكل خاص، سُجّلت في الأزمة.
ويبقى الخطر الأكبر فيما كشفته دراسات في المدارس عن زيادة في معدلات التدخين وفي السلوكيات الخاطئة كالنمط الغذائي بين الأطفال. فقد زاد الوضع خطورة في فترة الأزمة. لكن تداعيات الوضع الحالي قد تظهر خلال 15 أو 20 سنة، فتسهم في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان أكثر بعد عندها.
وبالنسبة لسرطان الثدي، يشكل نسبة 25 في المئة من مجمل حالات السرطان في البلاد. كذلك بالنسبة لسرطان الرئة، مع نسبة أدنى سرطان القولون، ويليه سرطان المثانة. وهي نسب يتشابه فيها لبنان مع سرطانات الدول المتقدمة.
وعلى الرغم من وجود عوامل عديدة تسهم في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، هناك عوامل أسهمت في الحد من خطر إصابة المواطن اللبناني، كالنظام الغذائي المتوسطي، لغناه بالفاكهة والخضراوات وزيت الزيتون والحبوب والسمك في مقابل انخفاض معدلات اللحوم. فساهم النظام المتوسطي المعتمد في لبنان في حماية المواطنين من السرطان في الأعوام التي سبقت الأزمة. أما حالياً فلا يمكن أن نعوّل عليه، لعدم قدرة المواطن على تأمين معظم مكوناته بسبب تراجع القدرة الشرائية وارتفاع كلفتها.
من جهة أخرى، تنخفض معدلات البدانة في لبنان بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج. ويوضح غصن أن البدانة تلعب دوراً مباشراً في زيادة خطر الإصابة بأنواع عديدة من السرطان، وأهمها سرطانات الثدي والبروستات والبنكرياس. أيضاً، للنشاط الجسدي دور إيجابي في الوقاية من السرطان كما أصبح معروفاً. ومعدلات ممارسة الرياضة ترتفع عامةً في لبنان، بسبب مناخه وطبيعته، بالمقارنة مع غيره من دول المنطقة.
ليبيا... برنامج غير كاف
وفي ليبيا أعلنت حكومة عبد الحميد الدبيبة، عن مبادرة "شفاء" التي تهدف لتوطين علاج مرضى السرطان في الداخل". واستحدثت الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان، التي تهدف إلى وضع السياسات والخطط والبرامج اللازمة لمكافحة السرطان ومتابعة تنفيذها، واتخاذ الإجراءات لتوطين علاج المرضى بالداخل.
واعتمد الدبيبة الوثيقة الوطنية للوقاية والكشف المبكر، التي ستبدأ بمراحل التوعية والوقاية حتى فبراير (شباط) عام 2024 لتنطلق بعدها مرحلة الفحص الإلزامي لكل النساء الليبيات فوق سن الـ35 عاماً.
وتصف طبيبة باطنة الأورام بمركز سرت لعلاج الأورام (المنطقة الوسطى) سعاد القعود، هذه الجهود الحكومية بـ"غير الكافية". مؤكدة أن "البرنامج الحكومي لدعم مرض السرطان يشوبه قصور في خدماته".
وقالت القعود لـ"اندبندت عربية" إنه في "الآونة الأخيرة فقط أصبح هناك اهتمام وتركيز على حملات التوعية من قبل الحكومة عبر البرنامج الوطني لمكافحة السرطان الذي أوكلت إليه مهمة عمل مسح شامل لاكتشاف مرض السرطان، شمل عدة مناطق بخاصة البعيدة منها عن مقر مراكز الأورام، لكن علاج السرطان في ليبيا كان ولا يزال يعتمد على الجهود الذاتية المبذولة من قبل الأطباء فقط". وفق تعبيرها.
وبخصوص إمكانية الذهاب نحو توطين العلاج بالداخل أكدت المختصة بباطنة الأورام، أن "الوقت متأخر جداً للحديث الآن عن هذه الاستراتيجية الصحية التي كان من المفترض أن تكون قد أدرجت منذ سنوات، بخاصة أن ليبيا دولة غنية وكان بإمكانها أن تكون قبلة العرب في العلاجات السرطانية".
وللتسريع في توطين العلاج بالداخل اقترحت القعود، ضرورة الاهتمام بمراكز علاج الأورام وتوفير التقنيات اللازمة التي يأتي على رأسها التشخيص بالأنسجة والتشخيص الإشعاعي وإنشاء مراكز البحوث التقنية الحيوية والهندسة الوراثية.
وأشارت القعود إلى أن "وجود 6 مراكز لعلاج الأورام في ليبيا قليل جدا مقارنة بعدد مرضي السرطان الذي يصل إلى 7671 مريضاً يضاف كل عام إلى سجل مرضي السرطان في ليبيا"، موضحة أن "هناك مرضى بالقرى والمناطق النائية لا يمكنهم الوصول إلى هذه المراكز الصحية المتركزة بالمدن ما تسبب في توقف عدد منهم عن استكمال العلاج بسبب بعد المسافة، الأمر الذي أسهم في تفاقم حالات الوفيات بمرض السرطان بهذه المناطق".
وطالبت سعاد القعود ، الدولة الليبية بـ"تكثيف عدد مراكز الأورام". مقترحة ضرورة إنشاء عيادات خاصة بالأورام في المناطق الحدودية والبعيدة عن مراكز علاج السرطان في المدن ولو بمعدل عيادة واحدة.
ودعت الدولة الليبية للعمل على توفير العلاجات الإشعاعية الخارجية والداخلية والدقيقة منها والاهتمام بالكوادر الطبية وشبه الطبية عبر التكثيف من الدورات التدريبية وتوفير الأرضية الملائمة للتشجيع على التخصص في هذا المجال وتوأمة المراكز الأم في ليبيا مع مراكز متطورة في علاج السرطان في العالم العربي والعالم الغربي، وتوفير أنواع العلاج الكيماوي واليود المشع (مرضى السرطان في ليبيا يتجهون إلى تونس للحصول عليه) وإدراج جميع الأدوية ضمن القائمة النمطية (المسؤولة عن توفيرها الدولة فقط) وتوفير العلاج المناعي لأنه باهظ الثمن.
ورشحت العقود المنطقة الوسطي (سرت مصراته) للترتيب الأول في الإصابة بالسرطانات واصفة النسبة فيها بالمخيفة، حيث وصلت إلى تسجيل حالة سرطان كل يوم في سجل مرضي السرطان في ليبيا على مدى عدة شهور.
وفي حديثها عن أبرز أنواع السرطانات في ليبيا قالت، "سرطان الثدي لا يزال يحتل المرتبة الأولى وفق دراسة لوحدة سجل السرطان بمركز سرت لعلاج الأورام عام 2022، يليه القولون والرئة والبروستاتا واللوكيميا والرحم والدماغ". وذلك حسب دراسة لسجل السرطان في ليبيا عام 2020، حيث لا تتوفر بيانات حديثة لمرض السرطان لكل من عامي 2021 و2022.
وعن أسباب انتشار السرطان تشير العقود إلى أن هناك من يربط بينها وبين إشعاعات الحروب، غير أن هذا الأمر يحتاج إلى قياس نسبة الانبعاثات الإشعاعية التي تمت فعلاً عن طريق لجان أممية في ليبيا لمرة واحدة منذ 2011، (فترة اندلعت فيها عدة حروب واستعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة).
غير أن ليبيا لم تتحصل حتى الآن على نتائج هذه الدراسة (قياس نسبة الانبعاثات الإشعاعية)، الأمر الذي جعل الشكوك تتجه إلى وجود علاقة تلازمية بين كثرة الإصابات السرطانية والانبعاثات الإشعاعية، بخاصة بعد ازدياد أعداد السرطانات بجميع أنواعها في مختلف ربوع ليبيا.
ويقول طبيب الأشعة التشخيصية وعضو مجلس إدارة الاتحاد الليبي لمكافحة السرطان أيوب البوري إن "نسبة الإصابة بالسرطان لدى الأطفال في ليبيا تحت سن 15 سنة، تصل إلى 30.1 في المئة من مجموعة السرطانات كاملة، حيث تشير آخر إحصائية متوفرة إلى وجود 7671 حالة سرطان جديدة عام 2020 فقط إذ لا توجد إحصائية خاصة بعامي 2021 و2022.
واستبعد عضو الاتحاد الليبي لمكافحة السرطان أن "تكون الانبعاثات الإشعاعية هي السبب وراء ارتفاع نسبة السرطان في ليبيا". مؤكداً أن "زيادة الوعي بالكشف المبكر وانتشار التقنية التشخصية لمرض السرطان في ليبيا هي العامل الأساسي وراء هذا الارتفاع باعتبار أنه سابقا كانت الإصابة بالسرطان عبارة عن وصم اجتماعي فالمواطن الليبي كان يخجل من التصريح بأنه مريض سرطان، فأغلب النساء الليبيات مثلاً يمتنعن عن الذهاب للكشف المبكر، لأنه موضوع حساس اجتماعياً، فالإصابة بسرطان الثدي كانت لا تطرح حتى داخل العائلة الليبية الواحدة"، ونوه أن "الاتحاد الليبي لمكافحة السرطان استطاع الوصول إلى 55 في المئة من النساء الليبيات في مختلف أنحاء البلد".
فلسطين... "تعامل مشرذم"
وعلى ذكر سوء الأوضاع، فإن "التعامل المشرذم" مع مرض السرطان في فلسطين دفع وزارة الصحة الفلسطينية إلى السعي لوضع استراتيجية وطنية موحدة بهدف الكشف المُبكر عن حالات الإصابة وعلاج المرض المُسبب الثالث لحالات الوفاة في ظل ارتفاع الإصابة به.
وبزيادة تجاوزت الخمسة في المئة عن سنة 2020 سجّلت وزارة الصحة الفلسطينية 5320 إصابة جديدة بمرض السرطان بمعدل 108 لكل 100 ألف من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 2021.
وقد أدى المرض الذي كان لوقت قريب يتجنب الفلسطينيون ذكر اسمه إلى وفاة أكثر من ألفي فلسطيني في عام2021 بمعدل 41.6 وفاة لكل مئة ألف من الفلسطينيين.
ورغم أن التعامل مع المرض يحتاج إلى الدمج بين العلاج الكيمائي والإشعاعي والجراحي، فإن ذلك غير متوفر في المستشفيات الفلسطينية إلا نادراً.
ويُعتبر مستشفى الأوغستا فكتوريا (المُطّلع) في القدس الوحيد في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يوفر خدمة علاج شاملة للسرطان من الكيميائي إلى الإشعاعي والجراحي. ومع أن مستشفى (المُطّلع) غير حكومي، فإن السلطة الفلسطينية تحول إليه كل المرضى حيث تُغطى كافة تكاليف علاجهم.
ويُساهم الاكتشاف المُبكر لمرض السرطان في التعافي منه في مراحله الأولى، ولذلك تشجع المؤسسات الصحية الرسمية والأهلية على إجراء الفحوص اللازمة.
كما تُسجع وزارة الصحة الفلسطينية النساء على إجراء الفحوص الخاصة باكتشاف سرطان الثدي مجاناً في العيادات، لا سيما أنه السرطان الأكثر انتشاراً في فلسطين.
وأدت "وساوس الفلسطينيين وزيادة وعيهم إلى ارتفاع نسبة توجههم إلى المختبرات الطبية لإجراء فحوص مخبرية للتأكد من عدم إصابتهم بالسرطان" وفق فني الأشعة عيسى رواشدة.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي كيلة، إن دولة فلسطين تعمل على إنهاء ما وصفتها "حالة الشرذمة" في التعامل الوطني مع مرض السرطان عبر وضع خطة وطنية تعمل لجنة شكّلتها من مؤسسات رسمية وأهلية بإشراف منظمة الصحة العالمية على ذلك. وستُشكل تلك الخطة، بحسب كيلة، علامة فارقة في التعامل مع السرطان، والكشف المُبكر عنه، وتحسين جودة الخدمة العلاجية، ورفع نسبة التعافي منه.
واشتكت كيلة خلال حديثها إلى "اندبندنت عربية" بمكتبها في رام الله من النقص الحاد في المراكز الخاصة بعلاج السرطان حيث لا يوجد سوى مستشفى المطلع في القدس. وبحسب المعايير العالمية يجب أن يكون ستة مراكز متخصصة في السرطان في الضفة الغربية وثلاثة في قطاع غزة.
لكن كيلة أشارت إلى أن العلاج الجراحي والكيميائي للسرطان متوفر في مستشفيات حكومية في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية، مشيرة إلى أن الوزارة وفّرت أدوية كيميائية في تلك المستشفيات بدل تحويلها إلى المستشفيات الخاصة. مضيفة أن تكلفة علاج حالة واحدة من مرضى السرطان في المستشفيات الخاصة تكفي لعلاج ست حالات في المستشفيات الحكومية.
وأشارت كذلك إلى أن الفحص الشامل لمرض السرطان غير متوفر بالكامل، عدا فحص سرطان الثدي الذي يُسهم الكشف المبكر عنه في التعافي منه بنسبة 98 في المئة.
ويحتاج العلاج الإشعاعي إلى توفر بُنية تحتية في المستشفيات تتطلب إقامة مبانٍ تحت الأرض معزولة بالرصاص.
وأرجعت وزيرة الصحة الإصابة بالسرطان إلى العوامل الوراثية والبيئية، وضغوط الحياة وأساليبها، وزواج الأقارب. ولم تستبعد أن تكون النفايات النووية التي تدفنها إسرائيل قرب الخط الأخضر مسؤولة عن ارتفاع نسبة السرطان، مشيرة إلى إصابة عائلات بأكملها بالمرض في مناطق توجد فيها تلك النفايات، إلا أنها شددت على أنها لا تمتلك معلومات قطعية بشأن ذلك.
ومع أن السلطة الفلسطينية جمعت 7 ملايين دولار من تبرعات شعبية لإقامة مستشفى خاص بالسرطان، إلا أن المشروع لم يُنفذ منه سوى عمليات الحفر.
ووفق كيلة فإن وزارة الصحة لن تكون عضوة في لجنة إقامة المستشفى، لكن الوزارة جرى إدخالها في اللجنة التي "ستبدأ أعمال البناء عما قريب".
ومنذ عام 2004 يقدم مستشفى (المُطلع) في القدس العلاج لمرضى السرطان قبل أن يتحوّل إلى مركز متكامل في علاج السرطان.
وقال مدير المستشفى فادي الأطرش، إن المستشفى يتمتع بخبرات عالية للعلاج، لكنه يحتاج إلى دعم مالي لرفع مستوى الأجهزة.
ويعتبر سرطان الثدي أكثر الأنواع شيوعاً في فلسطين، ويأتي بالمرتبة الثانية القولون ثم الرئة. وسبب ارتفاع نسبة الوفيات بين الذكور مقارنة بالإناث هو أن السبب الأول للوفاة بين مرضى السرطان هو سرطان الرئة، وهذا السرطان أكثر شيوعاً بين الذكور مقارنة بالإناث.
وأشار الأطرش، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إلى أن نسبة التعافي من السرطان في فلسطين ارتفعت، إلا أن الوصول إلى نسبة الدول الأوروبية وإسرائيل "يحتاج إلى مشوار طويل"، فالأمر يحتاج إلى وعي أعلى بين المواطنين وتشخيص أوسع. مضيفاً أن المنظومة في إسرائيل تساعد على التعافي المُبكر.
تونس... المشوار ما زال طويلاً
مشوار طويل آخر يخوضه مرضى السرطان في تونس حيث تشهد البلاد كغيرها من دول العالم، ارتفاعاً في نسبب الإصابة. الإحصاءات الرسمية الصادرة عن إدارة الرعاية الصحية الأساسية تشير إلى أن أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين النساء في تونس سرطان الثدي يليه القولون. أما الرجال، فيأتي سرطان الرئة في المقدمة.
وتتمثل أهم أسباب انتشار هذه الأنواع من السرطانات في التغذية غير السليمة وغير المتوازنة، بخاصة المأكولات الغنية بالدهون المشبّعة واللحوم الحمراء والأغذية الغنية بالنشويات والسكريات والمعجنات والأغذية المعلبة، تليها السمنة التي تقدر نسبة الإصابة بها في تونس بـ 29 في المئة (15 سنة فما فوق)، إضافة إلى الركود البدني حيث إن ثلثي التونسيين لا يمارسون نشاطاً بدنياً، وكذلك التدخين والاستهلاك المفرط للكحول، وذلك وفق ورقة بحثية صادرة عن وزارة الصحة.
أفاد الأستاذ بكلية الطب ورئيس قسم العلاج بالأشعة لطفي كشباطي أن عدد الوفيات بسبب مرض السرطان فاق 11 ألف حالة وفاة سنة 2021، وأضاف أن نحو 45 ألف حالة إصابة بمرض السرطان في تونس حالياً في طور الاكتشاف والعلاج.
وأشار إلى زيادة عدد حالات سرطان الثدي من 600 حالة مكتشفة في عام 1974 إلى نحو ثلاثة آلاف حالة حالياً.
وتمثل الوقاية السبيل الوحيد لتفادى ارتفاع معدلات الإصابة والوفيات الناجمة عن السرطان، لا سيما بالنسبة إلى السرطانات القابلة للتقصي مثل القولون وعنق الرحم والرئة والثدي.
ويتطلب تقصي سرطان الثدي القيام بفحص سريري للثدي مرة في السنة، فيما تتطلب الوقاية من سرطان الرئة الإقلاع نهائياً عن التدخين.
أما بالنسبة لسرطان عنق الرحم فيجب القيام بمسحة عنق الرحم بداية من سن 35 سنة، في حين يتعين للكشف المبكر عن سرطان القولون بعد سن الـ 50 عاماً.
العلاج في الخارج للمقتدرين
ووضعت وزارة الصحة التونسية برنامجاً خاصاً بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة السرطان في فبراير (شباط) الماضي يتضمن فعاليات توعوية وكشف عن سرطان الثدي وعنق الرحم والقولون، فضلاً عن تنظيم حملة إعلامية توعوية في الغرض، وورشتي عمل للجنة الفرعية للوقاية وتقصي سرطان عنق الرحم واللجنة الفرعية لتقصي سرطان الثدي. لكن رغم مجهودات الدولة، وبسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها تونس، أصبح نقص أدوية الأمراض المزمنة والسرطان عقبة كبيرة تهدد أرواح المرضى.
في هذا السياق تقول رئيسة "جمعية مرضى السرطان" روضة زروق إن الجمعية أطلقت نداء عبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي للتبرع لشراء أدوية لمرضى السرطان، إذ إن نحو 80 في المئة من المرضى لا يحصلون على الأدوية من المستشفيات العمومية، نظراً إلى ارتفاع أسعارها.
وتلجأ العائلات الميسورة في تونس إلى حلول خاصة عبر إرسال أقاربهم المرضى إلى الخارج للتداوي، في حين تكافح العائلات الفقيرة وحتى متوسطة الدخل من أجل مواجهة كل الصعوبات وتدبير أمرها في إيجاد الدواء وتحمل مصاريف العلاج في وضع اقتصادي صعب تعيشه البلاد وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن.
ويمثل مستشفى "صالح عزيز" بالعاصمة تونس، وهو مستشفى عمومي، الوجهة الرئيسة للمرضى من كل أنحاء البلاد باعتباره المركز الوحيد المتخصص في مقاومة الأمراض السرطانية، وتسعى تونس إلى إنشاء مركز آخر في محافظة قابس جنوب البلاد. كما يوجد في تونس عدة مراكز خاصة تعتبر متطورة ومجهزة مقارنة بالمراكز العمومية تستقطب غير التونسيين من جنسيات أفريقية متعددة، إضافة إلى الليبيين والجزائريين.
الجزائر... الاكتشاف المتأخر المشكلة الأولى
في الجزائر، يواصل داء السرطان حصد أرواح عديد من المصابين به، وذلك في ظل الاكتشاف المتأخر، الذي يأتي مفاجئاً. وأغلب الحالات يجري اكتشافها لدى إجراء تحاليل للخضوع لعمليات جراحية أو في أثناء فحوص طبية.
ولا يزال مستوى الوعي بداء السرطان أقل من التطلّعات المأمولة، بخاصة ما يتعلّق بمراحل اكتشاف المرض، التي غالباً تكون في المرحلتين الثالثة أو الرابعة. كما يشكل نقص الأدوية العلاجية وسعرها الباهظ مشكلة كبيرة بالنسبة إلى مرضى السرطان وذويهم، ما يفاقم من معاناتهم مع تداعيات المرض الخبيث.
وتشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة الجزائرية، إلى تسجيل 47.050 حالة جديدة للسرطان في 2022، بينما تقول جمعيات مساعدة المرضى المصابين بمرض السرطان إن هذا العدد يتجاوز 50 ألف حالة جديدة سنوياً، وأن سرطان الثدي يعد الأكثر انتشاراً، حيث جرى إحصاء أكثر من 15 ألف حالة سنوياً، وأكثر من 4250 حالة وفاة.
وكشف تقرير نشره المعهد الوطني للصحة العمومية في الجزائر، أنّ سرطانات القولون والرئة والبروستات والمثانة والجهاز الهضمي، تتصدر قائمة أنواع السرطان المنتشرة لدى الرجال، فيما يتصدر سرطان الثدي والقولون والمستقيم والغدة الدرقية والجهاز الهضمي وعنق الرحم لدى النساء.
ويسجّل سرطان الثدي انتشاراً كبيراً في السنوات الأخيرة في الجزائر، إذ يصيب النساء في سنّ مبكرة في حدود الأربعينيات، بخلاف الدول المتقدمة التي ينتشر فيها لدى النساء في سن الـ55 فما فوق.
ويقول وزير الصحة الجزائري، عبد الحق سايحي، إن المخطط الوطني لمكافحة مرض السرطان 2023 - 2030، يرتكز أساساً على الوقاية باعتبارها عامل محوري في مكافحة هذا الداء ومسبباته، مشيراً إلى أن الوقاية تتمحور حول "ضرورة التوعية بأهمية التغذية السليمة وممارسة النشاط البدني ومحاربة التدخين"، مشدداً على "عزم الدولة على التغلب على هذا المرض الخبيث ومكافحته".
وأشار سايحي، في تصريحات صحافية، إلى أن سياسة القطاع تتمحور حول "التوعية بأهمية الكشف المبكر عن هذا المرض من خلال التعريف بوسائل الفحص المتاحة وإشراك المواطنين ضمن استراتيجية الفحص".
واقع مؤسف
ويقول المتخصص في الصحة العمومية امحمد كواش إن "واقع مرض السرطان في الجزائر للأسف يتذبذب بين غياب وسائل الوقاية وكذلك الوعي بخصوص أسباب هذا الداء بمختلف أنواعه وكذلك نقص وندرة بعض الأدوية الخاصة بالعلاج من المرض".
وأوضح كواش لـ"اندبندنت عربية" أن العمليات التوعوية بخصوص مرض السرطان في الجزائر "قليلة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب، فضلاً عن عدم وجود دراسات استباقية لمواجهة المرض. إضافة إلى أن النمط الغذائي لمعظم الجزائريين غير صحي، إذ يتكون من الوجبات السريعة والأغذية المحفوظة والمشروبات التي تحتوي على ملونات وحافظات أغلبها مواد مسرطنة.
ويضيف كواش أن أغلب المستشفيات "أصبح فيها مراكز خاصة بعلاج مرض السرطان، حيث استقبال ومتابعة المصابين بالمرض وعلاجهم، وهو ما يخفف من معاناة التنقل إلى المحافظات الكبرى لتلقي العلاج".
كما أشار إلى دور الجمعيات الناشطة في مجال متابعة المصابين بمرض السرطان ومساعدتهم في الحصول على الأدوية والتكفل بالمرضى القادمين من مناطق نائية وتوفير لهم الإقامة في المدن الكبرى ليتمكنوا من الحصول على العلاج اللازم.
وأكد أن من حق مريض السرطان أن يحصل على العلاج، لكن العامل الأكبر يتوقف على مدى الاهتمام بالوقاية ورفع الوعي وتطوير البحث العلمي في الجزائر وتدريب الأطباء بشكل جيد، كون الأمر يتعلق بالكشف المبكر فكلما كان التشخيص في وقت مبكر كان العلاج سريعاً وفعالاً أكثر.
وتقول الأمينة العامة لـ"جمعية الأمل لمساعدة مرضى السرطان" حميدة كتّاب إنّ ندرة الأدوية مشكلة خطيرة ينبغي العمل على حلها على وجه السرعة. وأشارت إلى تطبيق الجزائر بروتوكولات حديثة جداً في مكافحة السرطان، لكنها أقرت بوجود تذبذبات على صعيدي الأدوية والعلاج الإشعاعي، معتبرة أنّ مشكل الراهن هو "مشكلة تسيير".
وتراهن السلطات الجزائرية على الوقاية والكشف المبكر ضمن مخطط السرطان الجديد 2023 - 2030 من أجل اكتشاف إصابات في المرحلتين الأولى والثانية اللتين تمنحان حظوظاً أكبر في الشفاء والعلاج الأنجع مع تحسين نوعية الحياة، بعيداً من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي والإشعاعي.
وفي هذا الإطار، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في اجتماع لمجلس الوزراء مطلع فبراير (شباط) الماضي، بتوجيه الاستثمار في الطاقة الكهرونووية إلى الاستخدام الطبي، لا سيما العلاج بالأشعة لمرضى السرطان، وكل الأمراض الأخرى التي تتطلب هذه التقنية.
ويشدد وزير الصحة على ضرورة تطوير البحث العلمي للكشف عن العوامل المؤدية إلى الإصابة بداء السرطان ويقول دون معرفة الأسباب.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022، أعادت الحكومة تفعيل "الصندوق الوطني لمكافحة السرطان" الذي جرى إنشاؤه في سنة 2012، بهدف التكفّل الأمثل بالمصابين من خلال تجهيز مصالح العلاج بالأشعة، واقتناء مسرعات خطية جديدة وتوفير أدوية إضافية وصيانة الأجهزة والعتاد الموجه للعلاج بالأشعة في المستشفيات.
كما قررت فتح 41 مصلحة لعلاج مرضى السرطان و77 وحدة خاصة بالعلاج الكيميائي إلى جانب 20 مركزاً لمكافحة السرطان، ستة منها تابعة للقطاع الخاص، كما تعهدت الحكومة بتخصيص اعتمادات مالية لاقتناء الأدوية والمستهلكات الطبية التي تدخل في علاج السرطان، وإنشاء سجل للسرطان على مستوى كل محافظة يسمح بتدوين معلومات دقيقة عن المرض لإجراء دراسات تحليلية حول أسباب الانتشار.
المغرب... شيخوخة المجتمع تضاعف المشكلة
أسباب الانتشار في المغرب لا تختلف عن غيرها من الدول، سواء في القائمة المعروفة أو تلك التي تبقى سراً يحير العلماء. تفيد معطيات رسمية كشفت عنها وزارة الصحة المغربية عام 2023، أن عدد الحالات الجديدة لداء السرطان في المغرب يقدر بـ50 ألف حالة سنوياً، وأن سرطان الثدي وعنق الرحم أكثر السرطانات التي تصب النساء انتشاراً في البلاد، على التوالي بنسبة 35.8 في المئة و11.2 في المئة.
وتورد نفس المعطيات الحكومية أن السرطانات الأكثر انتشاراً وتفشياً وسط جنس الذكور، سرطان الرئة بنسبة 22 في المئة، والبروستات 12.6 في المئة، والسرطانات اللمفاوية 6.7 في المئة.
ووفق ورقة بحثية أعدها الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، فإنه في كل يوم يتم تشخيص نحو 140 حالة إصابة بالسرطان في المغرب، كما جرى تسجيل 30 ألف حالة في عام 2004. و48 ألف حالة سنة 2019، و50 ألف حالة 2022، ويتوقع أن تصل الحالات أكثر من 60 ألف حالة جديدة في 2030.
وعزا حمضي، في تصريحات إلى "اندبندنت عربية"، ارتفاع عدد حالات الإصابة بالسرطان إلى كون وسائل وآليات التشخيص كانت ضعيفة، والولوج إلى العلاج كان باهظاً، وبالتالي لا يتم اكتشاف كثير من حالات الإصابة بهذا الداء.
وتابع حمضي بأن تشخيص الإصابة بالسرطان صار متاحاً وأكثر يسراً مقارنة مع الماضي، بفضل خطط العلاج ومجهودات المؤسسات المعنية، من قبيل وزارة الصحة أو مؤسسة لالة سلمى لمحاربة السرطان، علاوة على حملات التوعية والكشف الماني عن سرطان الثدي على سبيل المثال.
وأردف المتحدث عاملاً آخر يفسر ارتفاع عدد الإصابات بالسرطان في المغرب، متمثلاً في تحول المجتمع المغربي تدريجياً نحو الشيخوخة، وما ترافق هذه المرحلة العمرية من أمراض السرطانات، إضافة إلى نمط الحياة المعاصرة التي تتسم بعدم الحركة، وأيضاً آثار التدخين، والأمراض التعفنية.
وتبعاً لورقة حمضي، فإنه خلال عام 2000 احتل داء السرطان الرتبة السابعة بين الأمراض في المغرب، وانتقل إلى المركز الرابع سنة 2016، بينما يبلغ معدل وفيات السرطان في المغرب 86.9 لكل 100.000 نسمة.
معاناة مشتركة
وإذا كان المريض بالسرطان في المغرب يعاني هذا المرض فإن أهل وأسرة المريض أكثر من يعاني ويكابد تداعيات المرض، سواء من حيث التكلف به، أو اقتناء الأدوية الباهظة، أو متابعة مراحل استشراء الداء بسرعة في جسد المريض.
يقول في هذا السياق أحمد دساي، نجل مصاب بسرطان البروستات والمثانة، في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إن هذا المرض رغم كل الجهود المبذولة من أجل التوعية به لمواجهته، لكنه مخيف خصوصاً إذا لم يحصل التشخيص والكشف مبكراً.
وتابع أن والده أهمل في البداية شعوره بالآلام التي كانت تعتريه، واستهان بها، حيث ظن أن ما يعاني منه مجرد تضخم حميد في البروستات، قبل أن تكتشف الأسرة متأخرة أن داء السرطان سيطر على البروستات وامتد إلى مثانته، لتبدأ معاناة جسدية ونفسية عظيمة طالت جميع أفراد الأسرة.
وأضاف أن والده كان يعاني طيلة أشهر بسبب تفشي المرض داخل جسده، حتى بات مصاباً بأمراض وأعراض مرافقة، من قبيل الأرق و"الحازوقة" والبواسير، الشيء الذي عقد وضعيته الصحية قبل أن يسلم روحه لبارئها قبل أشهر خلت.
وأمام هذه المعاناة التي تكابدها عائلات مرضى السرطان، ظهرت مبادرات مدنية تروم دعم ومساعدة عائلات المرضى الذين يفدون إلى المركز العلاج الخاص بالسرطان في العاصمة الرباط من مناطق بعيدة، من بينها السيدة خديجة القرطي الملقبة بـ"جنات"، التي خصصت منزلها لإيواء أسر المريضات بالسرطان.
وفي الوقت الذي لا توجد فيه معطيات رسمية حول التوزيع الجغرافي للسرطانات في المغرب، فإن هناك أبحاثاً وهيئات تربط انتشار السرطان في منطقة الريف (أقصى شمال البلاد) بمرحلة تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، عندما كانت ترزح تحت الاحتلال الإسباني الذي كان يقذفها بالغازات السامة.
من هذه الكتابات والأبحاث كتاب لمؤلفه مصطفى بن شريف بعنوان "الجرائم الدولية وحق الضحايا في جبر الضرر: حالة حرب الريف"، والذي أثبت من خلاله العلاقة بين الغازات السامة التي كانت تلقيها طائرات الاحتلال الإسباني على منطقة الريف، وما نجم عنها من إصابات بالسرطان.
ووفق هذا المصدر ذاته، عقب إلقاء الغازات السامة على أهالي الريف من طرف القوات الجوية الإسبانية، تنامت حالات الإصابة بالسرطان وسط السكان، بنسبة تتراوح بين 60 في المئة و80 في المئة من مجموع حالات السرطان بالبلاد.
وترى هيئات حقوقية عديدة أن هناك بالفعل رابطاً بين الغازات السامة الإسبانية وارتفاع نسبة السرطان في منطقة الريف مقارنة مع باقي مناطق المغرب، موردة أن 80 في المئة من حالات الإصابة بالسرطان التي تتم معالجتها في مستشفى الرباط تأتي أساساً من منطقة الريف.
موريتانيا... أمية وإنكار
وفي ريف موريتانيا، ما زال المواطنون يتخوفون من مجرد نطق اسم "السرطان". فبفعل حصاده أرواح المئات من الموريتانيين؛ لم يعد السرطان ذلك المرض الغامض، الذي يخشى الأهالي في الريف الموريتاني نطق اسمه. تضافرت جهود جمعيات المجتمع المدني الموريتاني العاملة في مجال التوعية والتكفل بمرضى السرطان مع نداءات أطباء وأخصائيين في الأورام من أجل الكشف المبكر، لا سيما سرطان الثدي الذي يُعد أكثر أنواع السرطانات انتشاراً في موريتانيا.
تزداد المخاوف في موريتانيا من كثرة انتشار حالات الأورام في مجتمع ظلت قوائم أمراضه حتى وقت قريب مضى خالية من اسم السرطان.
وحسب وزير الصحة الموريتاني المختار داهي، فقد أظهرت "سجلات المركز الوطني للأنكولوجيا (الأورام) أن 1487 مريضاً يتابعون علاجهم من هذا المرض، 53 في المئة منهم إناث. ونسبة الأطفال دون سن الـ 15 عاماً تمثل أربعة في المئة. لكن 90 في المئة من المرضى لا يشملهم نظام التأمين الصحي. أما أكثر أنواع السرطان انتشاراً فيه الثدي والأنف والحنجرة والرئة وعنق الرحم والقولون.
الأرقام المتداولة زادت من مخاوف المتابعين للأوضاع الصحية للموريتانيين؛ إلا أن مديرة المركز الوطني للأنكلولوجيا في نواكشوط أخت البنين زين قالت في فعالية أقيمت قبل أيام إن من ضمن عوامل الإصابة بالسرطان أسباب جينية، وأن العالم كله ما زال في طور البحث عن علاج جذرين، لكن في إمكان موريتانيا أن تحقق تقدماً في المجال العلاجي إذا زادت نسب التشخيص المبكر من طرف المواطنين.
وذكرت أخت البنين أن المركز "بدأ العمل العام 2009، واستقبل في ذلك العام 400 حالة. وبلغ عدد الحالات المسجلة والتي تلقت العلاج نحو 15 ألف مريض. واستقبل المركز العام الماضي فقط 1450 حالة".
إلا أن الزين أشارت إلى أن المركز لا يستقبل أكثر من نحو 60 في المئة من حالات الأورام فقط في موريتانيا. أما النسبة الباقية فإما تسافر للخارج من أجل العلاج أو لا تتلقى العلاج من الأصل.
يقول الناشط في مجال التوعية بالسرطان محمد الحافظ إن الأمية وضعف الوعي الصحي يزيدان من احتمال إنكار المريض للمرض أو عدم التشخيص إلى أن تتقدم الحالة، ويستحيل علاجها. كما أن البعد من المراكز الحضرية يُصعب على المواطنين التحرك في الوقت المناسب.
اعتاد سكان عديد من الأحياء في موريتانيا رؤية سيارة وردية تحمل ملصقات للتوعية بسرطان الثدي وعنق الرحم. وتقول الناشطة في مجال التوعية بسرطان الثدي منى أحمد "نقوم في شهر أكتوبر من كل عام، وهو الشهر الذي يُذكر فيه العالم بخطورة هذا المرض، بحملات توعية للفتيات ونزوع عليهن مطويات تحثهن على ضرورة الكشف المبكر عن سرطان الثدي".
ويعتبر القائمون على مرضى السرطان، أن التوعية المبكرة تحد كثيراً من حالات الوفاة. وفي هذا الصدد تقول أخت البنين زين إن من أكبر المشكلات ضعف وعي المواطنين أغلب الحالات التي تتعالج في المركز تم اكتشاف إصابتها، وهي في حالة متقدمة من المرض، وهذا يقلل من احتمالات الشفاء".
تقول زينب الفلاني (23 سنة) إن "كشفاً خضعت له في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب استماعها لتقرير بثته إحدى الإذاعات أنقذ حياتي حيث أظهرت الفحوص وجود ورم صغير تم استئصاله لاحقاً. وأخبرني الطبيب أنني محظوظة بقيامي بهذه الخطوة".
وتطلب الجمعيات العاملة في مجال محاربة السرطان من نجوم المجتمع والمؤثرين مساعدتهم في إيصال رسالتهم لأكبر عدد ممكن من المستهدفين. وشيئاً فشيئاً أصبح الحديث عن السرطان أمراً عادياً في وسائل الإعلام العمومية، وبدأ الناس يتقبلون النقاش حول المرض.
خلال السنوات الماضية، ومع تنامي عدد المصابين بالسرطانات المختلفة في موريتانيا، طالب العديد من مرضى السرطان والجمعيات في هذا المجال الحكومة بالتكفل بعلاجهم، وهو ما تحقق جانب منه، إذ إن الحكومة الموريتانية تتكفل بعلاج المرضى غير القادرين.
كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية تمنح بطاقات تُساعد هؤلاء المرضى على تلقي العلاج، إضافة إلى مساعدات وحالات تكفل تقوم بها جمعيات "اسعد تسعد" و"إيثار" و"أطباء ضد السرطان".
ويقول إبراهيم أبو بكر الحسن، الأمين العام لملتقي العمل الخيري، "المرضى الفقراء ضحايا يعانون الأمرين بسبب عدم قدرتهم على التنقل من مكان إلى آخر لتلقي العلاج، إذ إن أغلبهم يسكن ضواحي العاصمة. كما لا يملكون القدرة على شراء الأدوية ودفع كلفة الفحوص باهظة الثمن ".
السودان... غياب حكومي والجهود فردية
كلفة الأدوية والفحوص، إضافة إلى صعوبة الانتقال وضيق ذات اليد للمرضى الفقراء تنضم إلى حزمة المشكلات التي تتكالب على مرضى السرطان في السودان. وتشير الإحصاءات الحديثة إلى إصابة نحو 21 ألف سوداني سنوياً بهذا المرض، ثمانية في المئة منهم أطفال، وهو ما يمثل ارتفاعاً كبيراً في الأعداد. وللنساء النصيب الأكبر من الإصابة، حيث ينتشر سرطان الثدي والرحم بشكل لافت، بينما يعاني الرجال سرطان البروستاتا.
وبحسب مدير مستشفى علاج الأورام (الذرة) في الخرطوم محمد أحمد عبد الله فإن المستشفى تشخص شهرياً ما يزيد على ألف حالة جديدة لأنواع مختلفة من السرطان.
هذه الأعداد اللافتة تشير إلى تغيرات طرأت على المجتمع السوداني، تلخصها اختصاصية علاج الأورام ساجدة محمد بقولها "أسلوب الحياة وطريقة الأكل غير الصحية وتدخين السجائر وغيرها من أنواع التبغ عوامل جعلت الإصابة بالسرطان ترتفع في السودان، إضافة إلى العوامل الوراثية التي تلعب دوراً ملحوظاً، لا سيما في سرطان الثدي لدى السيدات".
كما أشارت إلى خطر النفايات الطبية والمعدنية التي يتم التخلص منها في شمال البلاد. ويعتقد أن التخلص غير الآمن منها على مدار سنوات أدى إلى زيادة حالات الإصابة بالمرض في تلك المناطق.
وترى محمد أن "تغيير العادات الغذائية مهم لتخفيض نسب المرض، مع ضرورة الكشف المبكر لدى السيدات، بخاصة أن هناك حملات سنوية تهتم بالكشف المبكر لسرطان الثدي وتكون في الغالب مجانية، لذلك يلعب الوعي دوراً مهماً في تقليص النسب، لا سيما أن إمكانات التشخيص والعلاج في السودان محدودة، ويتم علاج أمراض السرطان بجهود فردية مع شح أدويته بصورة تامة".
ورغم زيادة حالات الإصابة، فإن الجهود المبذولة من قبل الحكومة تكاد تكون غير ملحوظة، أو على الأقل لا تتناسب وحجم الإصابات. ويشكو المرضى وأسرهم من اقتصاد أماكن تلقي العلاج على مركز واحد فقط في الخرطوم، وآخر في مدينة ود مدني. ويضطر المريض إلى قطع مسافات طويلة لتلقي جرعات العلاج الكيماوي، ناهيك بعدم وجود أدوية الجرعات في أغلب الأحيان.
وكانت وزارة الصحة السودانية قد أطلقت في يناير (كانون الثاني) عدداً من البرامج لمحاربة مرض السرطان. وناقشت مع عدد من الأطراف على رأسها منظمة الصحة العالمية سبل النهوض بجهود الخدمات المقدمة لمرضى السرطان وتوفير الأدوية اللازمة. وقال وزير الصحة المكلف هيثم محمد إبراهيم إن الورشة ناقشت البدء في توثيق حالات السرطان، وسبل توفير العلاج والتوسع في خدمات توفير الأدوية الأساسية.
ورغم أن شح أدوية علاج السرطان هي المشكلة الأكبر التي تواجه مرضى السرطان، وإتاحة بعضها في السوق السوداء بأسعار فلكية، لدرجة أن عدداً من الأطفال المرضى توفوا قبل فترة بسبب عدم تلقيهم العلاج، إلا أن مصدراً في وزارة الصحة، فضل عدم ذكر اسمه، قال إن "مسألة انعدام الدواء من السوق غير صحيحة ويجب مراجعة كل الجهات المسؤولة للتأكد من توفر الدواء. وفي حال عدم توافر نوع معين من الدواء، فإنه يكون أمراً خارج القدرة، لا سيما وإننا مقيدون بميزانية محدودة". ويقول "استيراد الدواء يكلف الدولة ميزانية باهظة، وتأثر بعض القطاعات بين الحين والآخر أمر وارد. أما القول بأن الدواء غير موجود فغير دقيق".
في المقابل تلعب المؤسسات الخيرية والأهلية أدواراً مهمة في علاج مرض السرطان، وتنتشر الجمعيات الخيرية التي ترعى مرضى السرطان، وتقدم لهم الأدوية وتتابع معهم رحلة العلاج كاملة، بخاصة الأطفال الذين يتم علاجهم بمبادرات أهلية. وجرى تخصيص مبنى لهم يقيمون فيه طوال فترة العلاج.
وفي هذا الصدد تقول المتطوعة سارة سليم إن "مرضى السرطان في السودان يواجهون صعوبات كبيرة أثناء فترة العلاج تتمثل في انعدام الأدوية وانهيار القطاع الصحي. لذلك فإن المبادرات الطوعية أسهمت بشكل كبير في توفير العلاج لكثيرين".
يظل السرطان مجرد مرض، فهو لا يميز كثيراً في الإصابة، لكن التفاوتات الناجمة عن الدخل والتعليم والجنس والعرق، من بين عوامل أخرى كثيرة، تخلق حواجز كبيرة أمام تقديم الخدمات وتزيد من عبء المرض. لذلك يضاف السرطان إلى قائمة "الظلم" الواقع على الأكثر احتياجاً أو الأقل حظاً، حيث الفروق شاسعة في دول المنطقة العربية بين دول ذات دخل متوسط وأخرى مرتفع وخدمات رعاية صحية وتشخيصية جيدة وأخرى ذات متوسط دخل منخفض وتعاني نقصاً حاداً في الميزانيات المخصصة للصحة، وأخرى تعاني انهياراً تاماً في أنظمتها الصحية بين دول واقعة في قبضة أزمات اقتصادية طاحنة أو حروب أهلية ظالمة للمرضى وذويهم.
عالمياً، العلاج الشامل للسرطان متاح في 90 في المئة من دول الدخل المرتفع، لكنه متاح في أقل من 15 في المئة في دول الدخل المنخفض، التي تتوقع منظمة الصحة العالمية أن تحدث فيها 70 في المئة من الوفيات الناجمة عن السرطان مع قدوم عام 2040. ويمكن تطبيق النسبة نفسها على دول المنطقة العربية.
وإذا كانت المطالبة هذا العام، وفي كل عام، هي سد فجوة الرعاية المقدمة في مجال تشخيص وعلاج السرطان، فإن الأوضاع رغم اختلافها في الدول العربية تشير إلى أن الفجوة ستبقى طويلاً، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بكثير من دول العالم.
عربياً، زاد الوعي بالمرض، وسقط جدار خوف النطق باسم المرض بديلاً عن تلقيبه بـ"اللعين" أو "الخبيث" أو "البطال". ويتزايد سعي المرضى وذويهم للحصول للكشف المبكر، والحصول على العلاج، لكن تبقى الميزانيات قاصرة، ومواقع التشخيص والعلاج محدودة ونائية، وفرص النجاة غير متاحة للجميع. صارت التوعية والمعرفة بصيرة، لكن نقص الميزانيات وشح الموارد تبقي يد التشخيص والعلاج وعدالة فرص البقاء على الحياة قصيرة.
الحكومات ووزارات الصحة وحدها لن تصنع الفرق المرجو، والجمعيات الأهلية والخيرية لن تتمكن وحدها من التخفيف عن كاهل المرضى وأسرهم سواء مادياً أو توعوياً أو نفسياً.
يشار إلى أن لإقليم شرق المتوسط إطار عمل واضح للتعامل مع السرطان يشتمل على استراتيجية كاملة من ألف الحوكمة والوقاية والكشف المبكر، وانتهاء بياء العلاج والرعاية الملطفة والترصد والبحث. لكن العبرة بالتطبيق سواء من حيث الإرادة أو القدرة أو كليهما.