Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأضرار الجانبية على ضفاف الحروب

تشير إلى الخسائر البشرية والمادية التي تحدث نتيجة العمليات العسكرية من غير أن تكون الهدف المباشر للهجمات

نازحون هاربون من القتال العنيف في لبنان قرب حفرة ناجمة عن غارة قالت إسرائيل إنها بنية تحتية لتهريب الأسلحة لـ"حزب الله" في منطقة المصنع (البقاع) على الجانب اللبناني من معبر الحدود مع سوريا، في 4 أكتوبر 2024 (أ ف ب)

ملخص

تطاول الأضرار الجانبية جوانب عدة في الحروب منها الخسائر المدنية التي تشمل الوفيات والإصابات بين السكان المدنيين الذين لا يشاركون في العمليات العسكرية.

غالباً ما يتكرر، في وسائل الإعلام وعلى ألسنة المحللين والباحثين، تعبير أو مصطلح "الأضرار الجانبية"، عند الحديث عن الصراعات العسكرية والنزاعات المسلحة. ويستخدم هذا المصطلح لوصف الخسائر التي تقع في صفوف المدنيين أو الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية المدنية كنتيجة غير مقصودة للعمليات العسكرية. وعلى رغم أن المصطلح يبدو تقنياً ومحايداً، فإنه يخفي وراءه معاناة إنسانية كبيرة، ويثير جدلاً واسعاً حول مدى أخلاقية استخدامه لتبرير أعمال عسكرية تسبب دماراً واسعاً في المناطق المدنية. وفي معظم الأحيان يتحول هذا المصطلح إلى وسيلة لتبرير الخسائر البشرية والمادية في الصراعات، بخاصة في سياقات معقدة مثل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي أو الحرب في لبنان، إذ تكون الحدود بين الأهداف العسكرية والمدنية غير واضحة.

 

ويعرف القانون الدولي مصطلح الأضرار الجانبية (Collateral Damage) بأنه الخسائر العرضية التي تلحق بالمدنيين أو الممتلكات المدنية نتيجة هجمات عسكرية مشروعة تستهدف أهدافاً عسكرية. هذا المفهوم مرتبط بالقانون الدولي الإنساني، بخاصة اتفاقيات جنيف والقانون العرفي الدولي، التي تلزم الأطراف المتحاربة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية واتخاذ التدابير اللازمة لتقليل الأضرار التي تصيب المدنيين. ووفقاً لهذه القوانين فإن الأضرار الجانبية تعد قانونية فقط إذا كانت نسبية مقارنة بالفائدة العسكرية المباشرة والملموسة المتوقعة من الهجوم، بمعنى آخر الهجوم يجب أن يكون موجهاً نحو هدف عسكري مشروع، ويجب أن تكون الخسائر المدنية غير متعمدة، وأن تكون "متناسبة" مع الهدف العسكري المراد تحقيقه، وأي ضرر غير متناسب أو متعمد ضد المدنيين يمكن أن يعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

المصطلح يطرح إشكالية

وتعرف أيضاً بـ"الأضرار غير المقصودة"، وتشير إلى الخسائر البشرية والمادية التي تحدث نتيجة العمليات العسكرية، من غير أن تكون الهدف المباشر للهجمات. هذه الأضرار تشمل المدنيين والبنية التحتية المدنية مثل المنازل والمستشفيات والمدارس.

وتتسبب الأضرار الجانبية في تأثيرات طويلة الأمد في المجتمعات والاقتصادات، وتثير قضايا أخلاقية وقانونية في ما يتعلق بقوانين الحرب، من هنا يطرح هذا المصطلح إشكالية، ويشرح بالتفصيل بحث بعنوان "حماية المدنيين… قراءة لبعض مبادئ القانون" نشر في مجلة "الإنساني" وهي (مجلة فصلية باللغة العربية تصدر عن المركز الإقليمي للإعلام في القاهرة)، التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر، عن متى يسقط القانون الدولي الإنساني الحماية عن المدنيين؟ وهل هناك شروط خاصة تعين صفة المدني في النزاعات المسلحة؟ وهل تسقط حماية القانون عن المدنيين المنخرطين في أعمال المقاومة المنظمة أو الهبات الجماعية؟ وكيف نقيم ما يدعوه القانون بالأضرار الجانبية؟

 

ويخلص كاتبه أسامة دمج إلى أن التطور في أساليب ووسائل القتال لم يغير من مبادئ الحرب، بما يدعونا إلى الدفاع عن المبادئ الإنسانية التي تشكل جوهر القانون الدولي الإنساني. ويشير إلى أن القانون الدولي الإنساني حدد وضعين في ما يتعلق بالتوصيف القانوني للأشخاص أثناء النزاعات المسلحة الدولية وهما، المقاتل: وهو لا يتمتع بالحماية إلا إذا أصبح "خارج القتال" أي توقف عن المشاركة في العمليات الحربية، والمقاتل من جهة المبدأ هو عنصر القوات المسلحة باستثناء رجال الخدمات الطبية والدينية.

وغير المقاتل (أو المدني) وهو شخص يتمتع أساساً بالحماية بصفته هذه، إلا أنه، في المقابل أجاز القانون للمدني في حالات محددة حصراً التخلي عن صفته المدنية واكتساب صفة المقاتل بما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات. وأهمها بالطبع سقوط الحماية عنه. وهاتان الحالتان هما أفراد الميليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع على أن تتوفر فيهم شروط محددة، وفقاً لـ"اتفاقية جنيف" الثالثة المادة 4/أ (2)، وسكان الأراضي غير المحتلة في حالة الهبة الجماعية وفقاً لـ"اتفاقية جنيف" الأولى المادة 13 (6).

ويتابع الباحث أسامة دمج أنه إذا كانت النصوص الواردة أعلاه تبدو واضحة، إلا أن المشكلة في الإجابة عن السؤال المطروح إنما تكمن في البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، المادة 51 الفقرة 3 (ب ج 1، 51/3) التي تنص على ما يلي "يتمتع الأشخاص المدنيون بالحماية التي يوفرها هذا القسم ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية وعلى مدى وقت يقومون خلاله بهذا الدور".

 

متى تسقط الحماية عن المدني؟

إذاً كيف يمكن تفسير هذه المادة (في ما يتعلق بسقوط الحماية عن المدني) في ظل المواقف المختلفة والمتناقضة أحياناً تجاهها، وأخطرها مثلاً اعتبار أن المدني الذي شارك مباشرة في عمل عدائي يمكن استهدافه لاحقاً في أي مكان وطوال مدة النزاع المسلح، في وقت تبقى المعايير الخاصة بتعريف الأعمال العدائية والدور المباشر فيها خاضعة لاعتبارات غير موضوعية؟

ويضيف دمج أنه بداية وفي محاولة لتفسير المادة المذكورة أعلاه ستعتمد على صياغات وتعريفات واردة في اتفاقيات "جنيف" وبروتوكولها الإضافي الأول (بصفتها تشكل القاعدة الصلبة للقانون الدولي الإنساني)، ووضعها في إطار عملياتي وقانوني حتى تكون قابلة للتطبيق من قبل الأطراف المشاركة في النزاع المسلح. بحيث تأتي الإجابة عن السؤال المطروح منطقية، وعملية، وقبل كل شيء ترد على البعد الإنساني للقانون الدولي الإنساني.

ويعد المندوب الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر لدى القوات المسلحة في لبنان أحمد زكريا أنه "ينبغي دائماً التمييز بوضوح بين المقاتلين وغير المقاتلين، ويسمح بمهاجمة المقاتلين ما لم يكونوا قد توقفوا عن القتال. أما المدنيون فهم محميون من الاستهداف والهجمات، لكنهم يفقدون هذه الحماية في أثناء مشاركتهم بصورة مباشرة في الأعمال العدائية. وبالطبع تشمل هذه الحماية جميع المدنيين بمن فيهم أولئك التابعون للعدو. وعلى نحو مماثل أيضاً، ينبغي التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية. فالأهداف العسكرية فقط يمكن مهاجمتها، بينما الأعيان المدنية لا ينبغي أن تصبح هدفاً للهجوم ما لم تتحول إلى أهداف عسكرية. كما أن أعمال العنف أو التهديد به التي يكون الغرض الرئيس منها نشر الذعر بين السكان المدنيين فهي محظورة".

ويتابع زكريا أنه ونتيجة لمبدأ التمييز "فإن الهجمات العشوائية المحظورة هي الهجمات غير الموجهة ضد أهداف عسكرية محددة. والهجمات التي تستخدم أساليب أو وسائل قتال لا يمكن توجيهها باتجاه أهداف عسكرية محددة. أيضاً الهجمات التي تستخدم أساليب أو وسائل قتال لا يمكن الحد من آثارها وفق متطلبات قانون النزاعات المسلحة".

ويعطي زكريا أمثلة على الهجمات العشوائية، كالقصف المدفعي أو إطلاق الصواريخ في الاتجاه العام للهدف من دون تحديد نقاط استهداف محددة، أو قصف المناطق المأهولة بالسكان من دون اختيار الأهداف العسكرية المنفردة والمحددة بوضوح، والموجودة في تلك المنطقة.

أنواع الأضرار الجانبية وتأثيراتها

وتطاول الأضرار الجانبية جوانب عدة في الحروب، منها الخسائر المدنية التي تشمل الوفيات والإصابات بين السكان المدنيين، الذين لا يشاركون في العمليات العسكرية. وقد تحدث هذه الخسائر بسبب القصف الجوي والقذائف المدفعية أو حتى العمليات البرية. أيضاً النزوح الجماعي أي نزوح السكان المدنيين من منازلهم، إذ يواجه اللاجئون والنازحون داخلياً ظروفاً معيشية صعبة في مخيمات موقتة، وقد لا يتمكنون من العودة إلى ديارهم لسنوات. أضف إلى ذلك المعاناة الإنسانية والنفسية بخاصة الأطفال، إذ يعاني الناجون من الحرب اضطرابات نفسية طويلة الأمد مثل اضطراب ما بعد الصدمة، مما يؤثر في جودة حياتهم وقدرتهم على التأقلم.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من تفاقم الأوضاع في غزة جراء الحرب الدائرة، وقالت إن الوضع يستعصي على الوصف، وأشارت إلى الآثار والعواقب النفسية الطويلة الأمد على الناجين والأسر. وتشير التقديرات إلى مقتل ما يقارب 400 طفل، أو ما يقارب 12 طفلاً يومياً، خلال الصراع الذي استمر 33 يوماً في عام 2006. أما في الحرب الحالية ووفقاً لتقرير لمنظمة "اليونيسيف" فقتل 50 طفلاً في غضون يومين فحسب، الإثنين والثلاثاء في الـ23 والـ24 من سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لوزارة الصحة العامة اللبنانية. وتوقعت الوزارة أن هناك مزيداً من الأطفال مدفونين تحت أنقاض المباني المدمرة في جميع أنحاء البلاد.

إلى ذلك، تشمل التأثيرات الاقتصاد والبيئة، كتدمير البنية التحتية في الغارات التي تستهدف الطرق والجسور والكهرباء بحيث تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين. وقد تستغرق إعادة بناء هذه المرافق سنوات، مما يعرقل التنمية الاقتصادية، وإلى تراجع اقتصادي حاد، كما أن إعادة البناء تتطلب استثمارات كبيرة، وغالباً ما يؤدي الدمار إلى هرب رؤوس الأموال والمستثمرين، إضافة إلى السلبيات التي تنعكس على الإنتاج المحلي والتجارة الدولية. كما تتسبب الحروب في أضرار بيئية جسيمة مثل تلوث المياه والهواء وحرائق الغابات وتدمير الأراضي الزراعية، كما حصل في الجنوب اللبناني خلال الحرب الحالية المندلعة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بين "حزب الله" وإسرائيل، إذ كشف وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن، ومنذ يونيو (حزيران) الماضي، عن أن هناك نحو 2400 دونم (الدونم يعادل 1000 متر مربع) احترقت بصورة كاملة، و6500 دونم احترقت بصورة جزئية، مشيراً إلى أن وزارته ستقدم شكوى جديدة ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي تتعلق بتعرض لبنان لقصف بالفوسفور المحرم دولياً. هذا الأمر يؤدي إلى تدهور في نوعية الحياة ويعطل الزراعة، مصدر الرزق الرئيس لكثير من السكان.

ومن الأضرار الجانبية أيضاً التأثيرات الاجتماعية والسياسية، إذ تؤدي الحروب إلى تفكك في النسيج الاجتماعي، وغالباً إلى خلق شروخ في المجتمعات، ويؤدي فقدان الثقة بين المجموعات المختلفة إلى نزاعات طويلة الأمد، وقد يظهر هذا في صورة نزاعات طائفية أو عرقية. أضف إلى ذلك زيادة الجريمة والفوضى في المجتمعات، وقد تنهار سيادة القانون، مما يؤدي إلى انتشار الجريمة والاضطرابات الاجتماعية، ولا غنى عن القول إن ذلك يخلق انعدام الثقة في الحكومات، فالحكومات التي تفشل في حماية مواطنيها أو في تقديم المساعدة اللازمة بعد الحروب تواجه تراجعاً في ثقة الجمهور، مما قد يؤدي إلى عدم استقرار سياسي طويل الأمد.

أمثلة من الحروب الحديثة

الحرب في العراق وسوريا، هذه الحروب أدت إلى دمار هائل للبنية التحتية المدنية، إضافة إلى خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين، ذلك أن استخدام الأسلحة الثقيلة والقصف العشوائي في المدن المكتظة بالسكان كان له تأثير مدمر في المدنيين.

الحرب في اليمن التي تسببت في أزمة إنسانية واسعة النطاق، إذ أدى الحصار والهجمات الجوية إلى تدمير المرافق الحيوية مثل المستشفيات والمدارس وزيادة معدلات الفقر والمجاعة.

الصراع في غزة، إذ أسفرت الحروب المتكررة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية و"حماس"، تحديداً، عن خسائر كبيرة بين المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، مما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان وتدهور اقتصادي حاد في القطاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انتهاك قانون حق الإنسان

وتستغل إسرائيل مصطلح الأضرار الجانبية، بصورة أساسية، لتبرير الخسائر المدنية أثناء عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين واللبنانيين، بخاصة في الحروب التي شنتها على غزة ولبنان. وتستند إلى هذا المصطلح لتقديم مبرر بأن استهدافاتها تركز على عناصر أو مواقع عسكرية لـ"حماس" أو "حزب الله"، وأن سقوط الضحايا المدنيين هو نتيجة غير مقصودة بسبب طبيعة القتال في مناطق مأهولة بالسكان. وبهذا الإطار، تسعى إسرائيل إلى تقديم نفسها كدولة تلتزم القوانين الدولية وتقلل من الضرر المدني إلى أقصى حد ممكن. إلا أن منتقدي هذا الاستخدام، سواء من منظمات حقوق الإنسان أو الحكومات المعارضة لسياسات إسرائيل، يرون أن إسرائيل تستخدم هذا المصطلح كغطاء لشرعنة هجمات واسعة النطاق على مناطق سكنية، مما يؤدي إلى وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين من دون تبرير كاف، وأن هذه الأضرار كانت، غالباً، قابلة للتفادي إذا اتبعت إسرائيل تدابير أكثر حذراً.

في المقابل تناول الإعلام أكثر من مرة اتخاذ "حزب الله" المدنيين دروعاً بشرية، بخاصة بعد الصور والفيديوهات التي تنقلها وسائل الإعلام عن أنفاق وفي مناطق عديدة من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع، وأفاد تقرير إسرائيلي بأن الحزب يخزن الأسلحة والصواريخ في مناطق سكنية، فضلاً عن تحذيرات صحيفة "الغارديان" البريطانية من اتهام دول بارتكاب "جرائم حرب" لتزويدها إسرائيل بالوقود. وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تحدثت عن تخزين "حزب الله" الأسلحة الخطرة بخاصة الصواريخ ومنصات إطلاقها في أماكن تعرض حياة المدنيين للخطر، وبحسب تحليل للمواقع الجغرافية، رُصدت أماكن وجود هذه الأسلحة. ونقلت الصحيفة عن المحلل الجغرافي بين تسيون مالكاليس قوله "إنه تم تحديد موقع إحدى القاذفات على مسافة 620 متراً من قاعدة يونيفيل"، وذلك في تحليل بعنوان "هكذا يعرض تخزين ’حزب الله‘ الأسلحة المدنيين للخطر"، بحسب خبير تحديد المواقع الجغرافية للكاتب أوهاد مارلين.

وتلاحق طرفي النزاع إسرائيل و"حزب الله" اتهامات بانتهاك قانون حقوق الإنسان، بخاصة في ما يتعلق بحماية المدنيين، على رغم أن الطرفين ينكران تلك الاتهامات ويدعيان أن تصرفاتهما تأتي في إطار الدفاع عن النفس.

ويتهم الحزب باستخدام المدنيين دروعاً بشرية من خلال وضع منصات إطلاق الصواريخ أو تخزين الأسلحة في مناطق سكنية، ويتهم بعمليات قصف تستهدف المدنيين الإسرائيليين بصورة متعمدة. وغالباً ما يأتي رد "حزب الله" بأن ذلك "هو رد فعل على العدوان الإسرائيلي أو دفاعاً عن لبنان ضد الاحتلال أو الهجمات الإسرائيلية".

وعلى المقلب الآخر تتهم إسرائيل بارتكاب انتهاكات لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من خلال القصف العشوائي أو المفرط للمناطق السكنية في لبنان وغزة، مما يؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. كما أن حصار غزة يعده البعض انتهاكاً للحقوق الأساسية للسكان، فيما تبرر إسرائيل عملياتها بأنها موجهة ضد أهداف عسكرية لـ"حزب الله"" و"حماس"، وأنها تحاول تجنب استهداف المدنيين من خلال تحذيرهم قبل القصف.

مبدأ التناسب والقوة المفرطة

يقول المندوب الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر لدى القوات المسلحة في لبنان أحمد زكريا "ينبغي عند الهجوم على الأهداف العسكرية تجنيب المدنيين والأعيان المدنية الأضرار العرضية أو الجانبية، إلى أقصى حد ممكن. ولا ينبغي أن تكون الأضرار العرضية مفرطة بالنسبة إلى المكاسب العسكرية المباشرة والملموسة المتوقعة من العملية، وما دون ذلك يعد استخداماً مفرطاً للقوة وانتهاكاً لقانون النزاعات المسلحة، وقد يعد جريمة حرب. يعني هذا أنه عند القيام بالتخطيط للعمليات أو عند تنفيذها، من غير المسموح القيام بهجمات غير متناسبة. ويجب أن تؤخذ في الاعتبار الآثار المحتملة على المدنيين وممتلكاتهم. وإذا اتضح أن الضرر الذي قد يلحق بهم من جراء الهجوم على هدف عسكري بسلاح معين، قد يكون غير متناسب قياساً بالميزة العسكرية المتوقعة، فيجب إما استخدام سلاح مختلف أو تغيير وقت الهجوم أو اتجاهه للحد، إلى أقصى ما يمكن، من الخسائر الجانبية في الأرواح والممتلكات المدنية، أما دون ذلك فيجب تعليق الهجوم وإعادة دراسة الموقف". ويتابع "من الواضح أن التزام القانون يتطلب استخبارات جيدة وتخطيطاً وقواعد واضحة للاشتباك، وهذه العوامل الثلاثة هي في النهاية نتاج التدريب الجيد والأداء المهني المحترف لأي قوات عسكرية. كذلك من الحكمة الواضحة ألا تضيعوا أرواحكم ووقتكم والذخيرة الموضوعة بتصرفكم، في هجمات عشوائية أو غير متناسبة لا طائل من ورائها، إلا أنها تزيد من معاناة من لا يشاركون في العمليات العدائية من دون ذنب اقترفوه".

وكانت "منظمة العفو الدولية" قد أصدرت تقريراً، في سبتمبر الماضي، تحدثت فيه عن الارتفاع الهائل في حصيلة القتلى في لبنان وسط تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل و"حزب الله"، وقالت إنه تذكير بالحاجة الماسة إلى تقيد جميع أطراف النزاع بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني. وقالت كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في "منظمة العفو الدولية"، إريكا غيفارا روساس، إنه "في الإثنين الـ23 من سبتمبر شهد لبنان أكثر أيامه دموية منذ نهاية الحرب الأهلية في البلاد في عام 1990. نشعر بقلق عميق إزاء حصيلة القتلى المروعة في غضون يوم واحد فحسب، التي تستمر في الارتفاع، والتأثير المدمر في المدنيين مع نزوح ما يقارب 500 ألف شخص (حينها حيث لامس العدد اليوم ما يقارب مليوناً ونصف المليون نازح أو مهجر)، من جنوب لبنان والبقاع ومناطق أخرى تعرضت لقصف شديد. وفي شمال إسرائيل، نزح نحو 63 ألفاً من السكان منذ أكتوبر2023 بسبب هجمات من لبنان. ومع استمرار إسرائيل في تكثيف قصفها وتوسيعه، واستمرار ’حزب الله‘ في شن هجماته على إسرائيل، يتعين على جميع أطراف النزاع احترام القانون الدولي الإنساني واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية أرواح المدنيين".

المزيد من تحقيقات ومطولات