Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

مع ترقب قمة "رفض التهجير"... قمم عربية حاسمة في 8 عقود

ظلت القضية الفلسطينية مهيمنة على نحو 50 قمة للزعماء العرب خلال 80 عاماً من عمر جامعة الدول العربية

قمة عربية للرد على اعتزام إسرائيل تحويل مجرى نهر الأردن بالقاهرة - يناير 1964 (أ ف ب)

ملخص

مثّلت بعض القمم العربية محطات مهمة في تاريخ الأزمات المتعاقبة التي مرت بالمنطقة، فما أبرز تلك القمم؟

من رفض الهجرة اليهودية إلى رفض تهجير الشعب الفلسطيني، ظلت القضية الفلسطينية مهيمنة على نحو 50 قمة للزعماء العرب خلال 80 عاماً من عمر جامعة الدول العربية، إذ كانت بعض تلك القمم محطات مهمة في الأزمات المتعاقبة، التي مرت بالمنطقة، فيما يرتقب أن تكون قمة القاهرة الطارئة غدا الثلاثاء إحدى تلك القمم المفصلية، بالنظر إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير الفلسطينيين لإعمار قطاع غزة، وإن قال لاحقاً إنه "لن يفرض خطته"، إضافة إلى ترقب إعلان مصر رؤية إعمار القطاع في وجود أهله.

أولى القمم العربية كانت طارئة بدعوة من ملك مصر والسودان فاروق الأول، بهدف تأكيد حق الشعوب العربية في نيل استقلالها والمطالبة بإيقاف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وذلك بعد عام من إنشاء الجامعة العربية، تحديداً مايو (أيار) 1946 في أنشاص شمال غربي القاهرة، التي حضرتها الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية: مصر والسعودية والأردن واليمن والعراق ولبنان وسوريا.

في القمة التالية بعد 10 سنوات كان الانعقاد طارئاً أيضاً، ويتعلق باعتداء على دولة عربية أخرى، إذ اجتمع القادة العرب في بيروت نوفمبر (تشرين الثاني) 1956، لإعلان دعم مصر في مواجهة العدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، كما أكدت القمة دعمها نضال الشعب الجزائري ضد المحتل الفرنسي.

مواجهة وهزيمة

الاجتماع غير الطارئ الأول للزعماء العرب جاء بعد 19 عاماً من إنشاء المنظمة، حين عقدت قمة القاهرة في يناير (كانون الثاني) 1964، بدعوة من الرئيس المصري جمال عبدالناصر للتشاور حول الرد على اعتزام إسرائيل تحويل مجرى نهر الأردن، وخرجت القمة باتفاق على تشكيل قيادة موحدة لجيوش الدول العربية، ووضع قواعد سليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني، فضلاً عن إنشاء هيئة داخل جامعة الدول العربية لمتابعة المشاريع الإسرائيلية المرتبطة بنهر الأردن.

في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، اجتمع الزعماء العرب مرة أخرى في الإسكندرية، إذ أقروا العمل على خطة للعمل العربي لتحرير فلسطين، والبدء بتنفيذ مشاريع لاستغلال مياه نهر الأردن، وحمايتها عسكرياً، كما رحب القادة العرب بإطلاق منظمة التحرير الفلسطينية، مع دعم قرار المنظمة بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني.

 

بعد أعوام من القمم العربية التي ناقشت كيفية تحرير فلسطين، كانت صدمة هزيمة حرب يونيو (حزيران) 1967، واحتلال إسرائيل الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء، مما دفع القادة العرب للاجتماع مجدداً في الخرطوم في أغسطس (آب) من العام نفسه لإعلان موقفهم تجاه إسرائيل الذي عرف باللاءات الثلاثة: "لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف".

قمة القاهرة الطارئة في الـ27 من سبتمبر (أيلول) 1970 كانت محاولة من عبدالناصر لوقف اشتباكات الجيش الأردني مع مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، وانتهت بصلح بين ملك الأردن حسين بن طلال وياسر عرفات، ليكون آخر دور عربي لعبدالناصر، الذي توفي في اليوم التالي.

شروط السلام

استضافت الجزائر في نوفمبر (تشرين الثاني) 1973 القمة العربية العادية السادسة بعد أسابيع من حرب أكتوبر، بدعوة من الرئيسين المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد، وأقرت القمة للمرة الأولى شرطين للسلام مع إسرائيل، هما الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمها القدس، واستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية.

وأكد البيان الختامي للقمة أنه "ما لم يتحقق هذان الشرطان، فإنه من الوهم توقع شيء آخر في الشرق الأوسط سوى تفاقم أوضاع متفجرة وقيام مجابهات جديدة"، كما أقرت القمة تقديم الدعم المالي والعسكري لمصر وسوريا في الحرب مع إسرائيل، ومواصلة حظر تصدير النفط للدول الداعمة إسرائيل.

 

انتقلت القمم الحاسمة إلى الرياض، ففي أكتوبر 1976 عقدت قمة مصغرة بمشاركة السعودية والكويت وسوريا ومصر ومنظمة التحرير الفلسطينية ولبنان، لبحث الأزمة اللبنانية التي تطورت لاحقاً إلى حرب أهلية دامت 15 عاماً، وأقرت القمة تشكيل قوات ردع عربية، شكلت سوريا الجانب الأكبر منها، وبعد أيام من قمة الرياض المصغرة أقر الزعماء العرب في القاهرة مخرجاتها.

قمة بغداد عام 1978 كانت مفصلية في التاريخ العربي، إذ شهدت رفض الدول العربية توقيع مصر اتفاق كامب ديفيد، التي مهدت لمعاهدة السلام في العام التالي، واعتبرها البيان الختامي للقمة تمس "حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الأمة العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، و(أن الاتفاق) جرى خارج إطار المسؤولية العربية الجماعية، ويتعارض مع مقررات القمة العربية".

وأقرت القمة "عدم جواز انفراد أي طرف من الأطراف العربية بأي حل للقضية الفلسطينية بوجه خاص، وللصراع العربي الصهيوني بوجه عام"، كما جرى تعليق عضوية مصر، وعلى إثر ذلك نقل مقر جامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس.

دعوة إلى التسوية السلمية

شهدت قمة فاس بالمغرب عام 1981 أول دعوة سعودية للسلام مع إسرائيل في مقابل التزامها بحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما عرف بخطة ولي العهد السعودي آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز، التي تضمنت اعترافاً ضمنياً بإسرائيل، من خلال تأكيد "حق دول المنطقة في العيش بسلام"، مع انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

اصطدمت الخطة برفض عدة دول عربية منها سوريا والجزائر إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية، مما دفع إلى الاتفاق على تأجيل مناقشتها في قمة عربية لاحقة عقدت في فاس أيضاً، في العام التالي وأقرت الخطة لتكون موقفاً عربياً موحداً، إلا أن عدم التجاوب الإسرائيلي والهجوم على لبنان أحبط المساعي العربية للسلام.

 

كان مواجهة التهديدات الإيرانية للعراق والسعودية والكويت محور القمة العربية الاستثنائية في عمان في نوفمبر (تشرين الثاني) 1987، الذي دان احتلال إيران جزءاً من الأراضي العراقية.

اقرأ المزيد

وعادت مصر لجامعة الدول العربية في قمة عربية استثنائية استضافتها الدار البيضاء في مايو (أيار) 1989، لتنهي بذلك 10 سنوات من المقاطعة العربية، وتعود الجامعة العربية إلى مقرها الأول. وشهدت القمة تأكيد دعم الدولة إعلان ياسر عرفات عن قيام الدولة الفلسطينية خلال المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988 والعمل على توسيع الاعتراف بها.

وفي أغسطس (آب) 1990 اجتمع القادة العرب في القاهرة بعد 24 ساعة من دعوة الرئيس المصري حسني مبارك، لبحث احتلال العراق الكويت، إذ خرجت القمة العاصفة بإدانة للغزو وعدم الاعتراف بضم الكويت إلى العراق، وصدر قرار بإرسال قوة عربية مشتركة لتحرير الكويت.

وخلال مؤتمر القمة العربية الطارئة بالقاهرة عام 1996، بعد صعود اليمين الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو إلى السلطة، اعتمد القادة العرب السلام خياراً استراتيجياً، ودعوا تل أبيب إلى الالتزام بالانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها عام 1967.

الدفاع عن القدس

دفعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية القادة العرب إلى الاجتماع مجدداً في قمة طارئة بالقاهرة في أكتوبر 2000، إذ أقر الزعماء استجابة لاقتراح السعودية إنشاء "صندوق الأقصى" لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس، على أن يخصص له 800 مليون دولار، إضافة إلى صندوق "انتفاضة القدس" للإنفاق على أسر شهداء الانتفاضة برأسمال 200 مليون دولار، وتبرعت السعودية بربع المبلغ المخصص للصندوقين.

كما أكد القادة العرب "التزامهم بالتصدي الحازم لمحاولات إسرائيل التغلغل في العالم العربي، تحت أي مسمى والتوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل، وذلك إلى حين التوصل إلى السلام الشامل والعادل"، وفق نص البيان الختامي للقمة.

 

بعد إقرار دورية انعقاد القمم العربية في قمة القاهرة عام 2000، حافظت الجامعة العربية على الانعقاد السنوي المنتظم لتجمع القادة العرب.

وفي قمة بيروت مارس (آذار) عام 2002، أقر الزعماء العرب خطة السلام التي قدمها ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، التي تنص على السلام الشامل وتطبيع كل الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل في مقابل انسحابها من كل الأراضي المحتلة منذ عام 1967.

ووسط غيوم الحرب التي كانت تخيم على العراق، اجتمع القادة العرب في شرم الشيخ مطلع مارس (آذار) 2003، في قمة شهدت تأكيد الرفض المطلق لأي عمل عسكري تجاه العراق، والدعوة للتوصل إلى حلول سلمية، لكن نداءات العرب لم تمنع الاحتلال الأميركي للعراق بعد ثلاثة أسابيع من القمة.

ما بعد الثورات

تغير المشهد العربي بالكامل نتيجة الربيع العربي وبعد عام من غياب القمم العربية في 2011، اجتمع الزعماء في بغداد مارس 2012، ودعوا إلى حوار بين الحكومة السورية والمعارضة وإلى التجاوب مع جهود المبعوث الأممي والعربي لسوريا كوفي عنان، لبدء حوار يؤدي إلى حل سلمي للأزمة.

غير أن الأوضاع تفاقمت مما أدى إلى اعتراف قمة الدوحة في العام التالي بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثلاً شرعياً للشعب السوري، ومنحته مقعد سوريا كما رفع علم الائتلاف خلال القمة، لكن مقعد سوريا بقي شاغراً في القمم اللاحقة.

 

وخيم الملف اليمني على القمة العربية في شرم الشيخ، إذ أطلقت المملكة العربية السعودية ودول التحالف عملية عسكرية لاستعادة شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مواجهة الحوثيين، وذلك قبل ساعات قليلة من عقد القمة، التي أقرت دعوة إلى تشكيل قوات عربية مشتركة.

وفي قمة القدس التي عقدت في الظهران بالسعودية في أبريل (نيسان) 2018، أكد البيان الختامي رفض الخطوات الإسرائيلية في الضفة الغربية التي تقوض حل الدولتين، وبطلان وعدم شرعية الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل.

التدخلات الإيرانية

وفي مواجهة شن الحوثيين هجمات على السعودية، دعا الملك سلمان بن عبد العزيز إلى قمة طارئة في مكة في مايو (أيار) 2019، إذ أكد القادة العربية إدانتهم الهجمات التي قامت بها الجماعة اليمنية المدعومة من إيران، وتضامن الدول العربية في مواجهة التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية لزعزعة أمنها واستقرارها، وذكر البيان الختامي للقمة أن سلوك طهران "يهدد الأمن والاستقرار في الأقليم تهديداً مباشراً وخطراً".

الرئيس السوري السابق بشار الأسد عاد إلى قائمة المشاركين في القمم العربية خلال قمة جدة في مايو (أيار) 2023، بعد عودة سوريا لعضوية الجامعة العربية بعد 12 عاماً من التعليق.

 

وعلى إثر اندلاع الحرب في غزة، دعت السعودية إلى قمة استثنائية عربية إسلامية في الرياض عقدت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وخرجت بدعوة إلى وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل، ورفض تصوير الحرب على أنها دفاع عن النفس، مع المطالبة بإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وإدخال المساعدات لأهالي القطاع، إضافة إلى دعوة المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيق في ما وصفته القمة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

وفي الدورة الـ33 للقمة العربية التي عقدت في البحرين في مايو من العام الماضي، دعا البيان الختامي للقمة إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين، وجدد المطالبة بوقف الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

المزيد من تقارير