ملخص
استعانت القوات المسلحة في كثير من الأحيان بقوى خارجها للقتال مثل مجموعات تحالفت معها في مناطق عدة بالسودان، منها الميليشيات التي أصبحت في ما بعد قوات "الدعم السريع" في دارفور، تزامناً مع تأسيس الجيش مصالح اقتصادية واسعة.
فرض الجيش السوداني سيطرته الكاملة على القصر الرئاسي في الخرطوم اليوم الجمعة في أحد أهم التطورات في الصراع المستمر منذ عامين مع قوات "الدعم السريع".
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان بعض الحقائق عن طرفي الحرب التي أدت إلى تدمير البلاد وتشريد الملايين، فضلاً عن تأجيج أعمال قتل على أسس عرقية في دارفور.
وبدأت الحرب بين الطرفين في إطار نزاع سببه حماية المصالح الخاصة ضمن عملية انتقال سياسي كانت مزمعة، بعد شراكة هشة في إطاحة الرئيس السابق عمر البشير عام 2019 ثم إطاحة حكومة بقيادة مدنية في 2021.
الجيش السوداني
احتفظت القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بالأفضلية من الناحية النظرية في بداية الحرب بسبب العدد الكبير لجنودها وأسلحتها الثقيلة وطائراتها المقاتلة.
وظلت المؤسسة العسكرية في مركز السلطة في السودان أو قربه على مدى عقود، ولد البرهان عام 1960 في قرية تقع شمال الخرطوم ومجاورة لمسقط رأس البشير، وقضى حياته المهنية بأكملها داخل تلك المؤسسة.
واستعانت القوات المسلحة في كثير من الأحيان بقوى خارجها للقتال مثل مجموعات تحالفت معها في مناطق عدة بالسودان، منها الميليشيات التي أصبحت في ما بعد قوات "الدعم السريع" في دارفور، تزامناً مع تأسيس الجيش مصالح اقتصادية واسعة.
وفي عهد البشير خدم البرهان في دارفور حيث خاضت الحكومة قتالاً لإخماد تمرد شهد أعمال عنف أدت إلى نزوح ما يقدر بنحو مليوني شخص وسقوط 300 ألف قتيل بحلول عام 2008.
وقال البرهان إنه كان من بين الشخصيات العسكرية التي أبلغت البشير بضرورة التنحي وسرعان ما بزغ نجمه بعد ذلك باعتباره الزعيم الفعلي للسودان.
وفي الأيام الأولى من الحرب تراجع الجيش أمام وحدات قوات "الدعم السريع" الأكثر خفة وسرعة في التنقل في مختلف أنحاء العاصمة، ثم في وقت لاحق في منطقة دارفور وولاية الجزيرة جنوب الخرطوم.
خلال عام 2024 استعاد الجيش السيطرة على بعض المناطق، وبالتحديد في أم درمان المقابلة للخرطوم على الجانب الآخر من النيل، وقالت مصادر إنه حقق ذلك مدعوماً بطائرات مسيرة إيرانية الصنع، وتلقى الجيش أيضاً الدعم من قوى خارجية منها مصر وسيطر إلى حد كبير على شمال وشرق السودان بما في ذلك بورتسودان المطلة على البحر الأحمر.
اتهم سكان الجيش بقتل مدنيين في قصف عشوائي وهجمات جوية في أجزاء من الخرطوم ومناطق أخرى تسيطر عليها قوات "الدعم السريع"، ونفى الجيش هذه الاتهامات.
في يناير (كانون الثاني) الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على البرهان متهمة إياه بإعطاء الأولوية للحرب على حساب جهود السلام، وذكرت وزارة الخزانة الأميركية أن قيادته القصف العشوائي والهجمات على البنية التحتية المدنية وعمليات القتل خارج نطاق القضاء، كل ذلك أسهم في نزوح جماعي وسقوط عشرات الآلاف من القتلى.
قوات "الدعم السريع"
تعمل قوات "الدعم السريع" تحت قيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، وقدر محللون أن عدد أفراد القوات بلغ نحو 100 ألف قبل بدء الحرب، ولها قواعد وانتشار في جميع أنحاء البلاد.
حميدتي، وهو الآن في أواخر الأربعينيات، ترك الدراسة وبدأ العمل في تجارة الإبل في دارفور، ووفقاً لمحمد سعد، وهو مساعد سابق، فقد حمل حميدتي السلاح للمرة الأولى بعدما هاجم رجال قافلته التجارية وقتلوا نحو 60 من عائلته وسرقوا ماشيته.
تعززت مهاراته القتالية عندما تحالف الموالون له وغيرهم من القوات غير النظامية مع الحكومة للمساعدة في إخماد التمرد في دارفور في حملة تصاعدت عام 2003، وعرفت تلك الميليشيات باسم "الجنجويد" وهو مصطلح يعني "شياطين على ظهور الخيل" وهو ما يعكس سمعتهم المخيفة.
اتهم ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية مسؤولين حكوميين وقادة "الجنجويد"، من دون تسمية حميدتي، بارتكاب إبادة جماعية وفظائع أخرى.
مع مرور الوقت نمت قوات "الدعم السريع" وحصلت بدعم من البشير عام 2017 على اعتراف رسمي باعتبارها قوة عسكرية، وبالتوازي مع ذلك توسعت المصالح التجارية لحميدتي في مجالات تعدين الذهب والبنية التحتية والثروة الحيوانية وغيرها من المجالات.
وأثبتت قواته أنها خصم صعب المراس بالنسبة إلى الجيش، إذ استولت على بعض قواعده واحتمت في مناطق سكنية فقدت فيها المدرعات الثقيلة والتكتيكات العسكرية التقليدية أفضليتها.
واتهم سكان وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق إنسان وخبراء بالأمم المتحدة "الدعم السريع" والمجموعات المسلحة المتحالفة معها بارتكاب هجمات على أسس عرقية في دارفور، وهي اتهامات نفتها قوات حميدتي.
وقالت مصادر سودانية ومحللون ودبلوماسيون إن الإمارات هي أهم حليف لحميدتي، لكن الإمارات نفت التقارير التي أفادت بإرسالها شحنات أسلحة إلى قوات "الدعم السريع".
قبل أيام من فرض عقوبات على البرهان في يناير فرضت الولايات المتحدة عقوبات على حميدتي، مشيرة إلى مسؤولية قوات "الدعم السريع" عن إبادة جماعية خلال الحرب بعدما خلصت في وقت سابق إلى حدوث تطهير عرقي في غرب دارفور عام 2023.