Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب دمرت الكهرباء وحولت الخرطوم "مدينة أشباح"

فقد السودان أكثر من 70 في المئة من طاقة الإنتاج التي كانت تغطي نحو 60 في المئة من الحاجات

التقديرات الأولية لخسائر قطاع الكهرباء في أنحاء البلاد كافة تتجاوز المليار دولار (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

بحسب متخصصين في قطاع الطاقة، فإن نحو 90 في المئة من شبكات ومنشآت الكهرباء الأساسية في مدن العاصمة السودانية تعرض للتدمير الممنهج، حيث طاول القصف محطة بحري الحرارية التي تسهم بنحو 17 في المئة من إنتاج البلاد للكهرباء والمقدر بنحو 1900 ميغاواط، فضلاً عن تدمير محطة قري، مما أدى إلى خسارة شبكة الكهرباء قرابة 1000 ميغاواط.

كشفت استعادة الجيش السوداني أجزاء واسعة من أراضي العاصمة السودانية المثلثة الخرطوم وأم درمان وبحري من قبضة "الدعم السريع" حجم الدمار الكبير الذي لحق بقطاع الكهرباء بسبب القصف الجوي والمدفعي المتبادل بين القوتين المتحاربتين قرابة العامين، إضافة إلى عمليات النهب الواسعة التي طاولت معظم شبكات وخطوط الإمداد، وهو ما حول معظم أحياء العاصمة إلى ظلام دامس، الأمر الذي جعل عودة كثير من سكانها النازحين أمراً مستحيلاً.

وبحسب متخصصين في قطاع الطاقة، فإن نحو 90 في المئة من شبكات ومنشآت الكهرباء الأساسية في مدن العاصمة تعرض للتدمير الممنهج، حيث طاول القصف محطة بحري الحرارية التي تسهم بنحو 17 في المئة من إنتاج البلاد للكهرباء والمقدر بنحو 1900 ميغاواط، فضلاً عن تدمير محطة قري، مما أدى إلى خسارة شبكة الكهرباء قرابة 1000 ميغاواط.

ومنذ بداية الحرب فقد السودان أكثر من 70 في المئة من طاقة إنتاج الكهرباء، والتي كانت أصلاً تغطي فقط نحو 60 في المئة من حاجات البلاد المقدرة بـ 3500 ميغاواط.

تضافر جهود

​​مدير عام شركة كهرباء السودان القابضة عبدالله أحمد محمد قال لـ "اندبندنت عربية" إن "التقديرات الأولية لخسائر قطاع الكهرباء في أنحاء البلاد كافة تتجاوز المليار دولار"، وأضاف "اتضح من خلال المعاينات الأولية عقب استرداد الجيش لمعظم أحياء مدن العاصمة الثلاثة أن البنية التحتية للكهرباء تعرضت لدمار وسرقة غير مسبوقة في تاريخ السودان، حيث تم تفكيك المحطات التحويلية للكهرباء ومحولات التوزيع داخل الأحياء والمناطق الصناعية والمزارع، فضلاً عن ضرب أبراج الضغط العالي والمتوسط".

 

 

وواصل محمد "كذلك تعرض المركز القومي للتحكم في الشبكة القومية للتخريب وهو واحد من أحدث مراكز التحكم في القارة الأفريقية، وأيضاً تعرضت محطات التوليد الحراري في منطقة بحري وقري للتخريب، ولم تسلم حتى كوابل الكهرباء الداخلة للمنازل السكنية للمواطنين من عمليات النهب".

ولفت المتحدث إلى أن إعادة تأهيل القطاع يحتاج لتضافر جهود الدولة والمواطنين، حيث حددت الأولويات للمناطق التي يعود إليها المواطنون حتى تعود الحياة والخدمات تدريجاً.

وأشار مدير عام شركة كهرباء السودان القابضة إلى أن عدداً من الدول أبدت رغبتها في الدخول في إعادة إعمار قطاع الكهرباء، وأن التواصل مستمر للبدء في تأهيل محطات التوليد الحراري، فضلاً عن استئناف العمل في المشروعات التي كانت متوقفة في كل من بورتسودان والقري منذ 2019.

أخطاء الماضي

في السياق، أوضح الباحث الاقتصادي محمد الناير قائلاً "بالتأكيد قطاع الكهرباء من أهم القطاعات الاستراتيجية في أي دولة باعتبارها القوة المحركة لعمليات الإنتاج على الإطلاق، لكنه تعرض إلى دمار كبير، خصوصاً في ولاية الخرطوم بصورة واضحة، فما حدث لم يكن تدميراً فقط بقصد تعطيل الشبكة، لكنه كان بشعاً تمثل في التعدي على الأعمدة والأسلاك والمحولات وغيرها".

وتساءل الناير هل هو عمل مقصود وممنهج من قبل قوات "الدعم السريع" بهدف رجوع السودان إلى الوراء بخاصة في موضوع التنمية تحديداً؟ لذلك كان هناك تركيز على تدمير البنى التحتية بصورة أساسية وبطريقة بشعة.

اقرأ المزيد

وتابع الباحث الاقتصادي "لذلك يحتاج هذا القطاع إلى جهد كبير لإعادة تأهيله بعد توقف هذه الحرب، فمعروف أن المجتمع الدولي يقف دائماً مع الدول التي تخرج من الحروب، وبالتالي نأمل في أن يوفي بالتزاماته في هذا الخصوص على رغم أن تجربة السودان مع هذا المجتمع مريرة بخاصة من ناحية وعوده في اتفاقيات السلام المختلفة وبالذات (نيفاشا) بعد انفصال الجنوب في 2011 إذ لم تكن جيدة، لكن الأمل الكبير يقع على الدول الصديقة ليس فقط من أجل المساهمة والمساعدة بل في جانب إقامة شراكات استثمارية لإعادة إعمار البني التحتية ومنها قطاع الكهرباء الذي يمكن أن يكون من القطاعات الجاذبة للاستثمار".

وأضاف الناير "لا بد أن يستفيد السودان من أخطاء الماضي، بحيث تعمل الحكومة على تدوير عجلة الإنتاج في المجال الزراعي والصناعي والخدمي، وهو ما يتطلب طاقة كهربائية، ومعلوم أن بلادنا قبل الحرب كانت تنتج 4 آلاف ميغاواط تقريباً من الطاقة الحرارية والتوريد المائي، بمعدل استهلاك خلال فترات الذروة يصل إلى 5 آلاف ميغاواط أي بعجز ألف ميغاواط، وسبق أن نصحنا بأنه بدلاً من أن تتجه الدولة إلى إنشاء محطات بمليارات الدولارات لسد هذا العجز، فالأفضل أن تفتح باب التمويل الأصغر لتمليك كل المنازل وحدات إنتاج طاقة شمسية، وهو الاتجاه الذي تسير عليه كثير من دول العالم الآن، وبذلك يكون تمت معالجة موضوع الكهرباء بصورة نهائية وسريعة بخاصة أن السودان لديه شمس ساطعة طوال النهار".

 

 

وأوضح المتحدث "في ظل هذه الأزمات نجد أن الشعب السوداني تأقلم وتعود في كثير من المواقع على نقص التيار الكهربائي وعدم استقراره، وبالتالي يمكن أن يتحمل المواطنون الذين عادوا إلى ديارهم هذا الوضع (انقطاع الكهرباء) لفترة مؤقتة، لكن على الدولة أن تبذل قصارى جهدها من خلال توظيف قدراتها وإمكاناتها لإعادة استقرار التيار الكهربائي وتوليد الطاقة الكهربائية بكميات تكفي حاجات البلاد بصورة واضحة".

ومضى الباحث الاقتصادي في القول "نتوقع أن تكون كل هذه البرامج قد وضعت لها كل الخطط والمواقيت الزمنية بعد انتهاء الحرب على أن يتم البدء في تنفيذها بصورة أساسية، وهناك بعض الخطط التي يفترض أن تنفذ في ما تبقى من زمن الحرب وأخرى بعد انتهائها".

ظرف استثنائي

وكان أحد العاملين في قطاع الكهرباء قال في تسجيل صوتي جرى تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي "ظللنا طوال فترة الحرب نعمل في ظرف استثنائي (طوارئ) وتمكنا من إعادة الكهرباء لجزء معين من الأحياء التي بها سكان مثل محلية كرري بأم درمان التي ظلت تحت سيطرة الجيش منذ اندلاع الحرب، لكن بصعوبة بالغة نظراً لشح الموارد وانعدام المعينات".

وأردف العامل "في تقديري إعادة الكهرباء بشكل كامل لكل أحياء العاصمة يعد ضرباً من ضروب المستحيل، فكل المحولات والكوابل وأسلاك الضغط العالي والعادي سُرقت وخُربت، كما أن معظم محطات التوليد الكهربائي دمرت تماماً، وما يجري من إنارة لبعض المناطق المأهولة بالسكان يتم من المحطات الخارجية من خلال توصيلات عشوائية وبطريقة غير مدروسة".

واستطرد "يفترض أن تفكر الدولة تفكيراً مختلفاً في عملية تأهيل الكهرباء وذلك بالاعتماد على نظام البوت، فضلاً عن الاتجاه لإشراك المجتمع في توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وإمكان إمداد الشبكة بالفائض، إضافة إلى التوليد الذري والنووي".

المزيد من تقارير